تعتبر ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال أحد الدوافع الرئيسية لاختطاف الأطفال وكثيرا ما تأتي في الدرجة الأولى قبل الدافع المالي والمتاجرة بالأعضاء، حيث يبقى البيدوفيل أخطر عنصر على الأطفال خاصة انه من الذين يعاودون الكرة دون مراعاة للنتائج الوخيمة التي يترتب عنها تصرفه الدنيء. وحسب المختصين فإن »البيدوفيليا« نوع من الانحراف الجنسي يعني انجذاب البالغين نحو الأطفال ويعتبره أطباء الأمراض العقلية نوعا من الأمراض التي يشكل صاحبها خطرا على المجتمع، لأن المعني يستهدف فريسته خلسة وبطريقة انتقائية. وقد بيّنت عمليات الاختطاف الأخيرة بأن هذا المجرم يختار في غالب الأحيان إبن الجيران وهو ما وقع للطفل ياسر بقسنطين،ة كما حدث أيضا مع طفل بولاية سطيف يبلغ من العمر 12 سنة الذي كان يحمل حمامة يريد أن يبيعها فاستغله ابن الحي واقتاده معه إلى مكان مهجور، مدعيا بأنه سيعرّفه بشخص يشتري منه كل الحمام الذي يملكه، لكن عند الانفراد به اعتدى عليه بطريقة وحشية. كما سبق لمصالح الأمن التي حضرنا معها عملية مداهمة بأحياء مدينة سطيف أن ألقت القبض على شاب وقاصر متلبسين بأداء هذه العملية القذرة بعدما اختليا بنفسيهما بقطعة أرض غير مبنية. وقد جرت العادة أن تكون البيوت المهجورة والجسور الواقعة على خطوط السكة الحديدية وجهة لهؤلاء الصنف من البشر الذين عادة ما يستعينون في أداء المهمة بتناول الحبوب المهلوسة. ويؤكد المختصون بأن هناك صنفين من »البيدوفيل«: الأول هو القاتل وهو من يقوم باختطاف الأطفال بغرض الاعتداء عليهم ومن ثمّ قتلهم وإخفاء جثثهم بعد ذلك، وهذا هو النوع النادر الأخطر. وأما الصنف الثاني فهو البيدوفيل العادي الذي يستخدم علاقته وثقة الطفل به للتحرش به وعادة ما يكون من ذوي القربى أو الأصدقاء أو الجيران كقضية ياسر أي يكون من الذين يثق فيهم الطفل وليسوا من الغرباء، لكن في حالة خوف الجاني من التبليغ عنه وانكشاف الأمر فإنه يلجأ إلى عمل الصنف الأول، أي القتل لإخفاء أثر الجريمة مثلما حدث للطفل ياسر بقسنطينة وياسين بالجزائر العاصمة ومع العديد من الأطفال الذين تم اختطافهم وانتهى بهم المطاف إلى الرمي في الآبار المهجورة. ويؤكد المختصون بأن ممارس هذا الفعل عادة ما يكرره أكثر من مرة حتى بعد معاقبته، لأنه دخل مرحلة الإدمان، مثلما كان الشأن مع قاتل الطفل عزالدين بولاية الاغواط والذي صدر في حقه حكم بالإعدام بتهمة القتل العمدي وحجز شخص والفعل المخل بالحياء بالعنف ضد الطفل عزالدين البالغ من العمر 10 سنوات. والمثير للانتباه أن الجاني، البالغ من العمر 50 سنة، سبق له أن أدين في قضية قتل وهتك عرض طفلة منذ 30 سنة وحكم عليه يومها بالمؤبد، لكنه استفاد من الإفراج بعد صدور قرار عفو سنة 1998 ، ليقوم بعدها بسنة واحد باختطاف طفلة أخرى عمرها سبع سنوات ويعتدي عليها، فتقرر العدالة حبسه لمدة عامين ليعود مرة أخرى وينفذ جريمته البشعة ضد الطفل البريء عزالدين. ولذلك يقول المختصون، إن مثل هؤلاء ينبغي أن يبقوا تحت الرقابة حتى بعد تطبيق العقوبة عليهم، وهو الأمر المعمول به في العديد من الدول الغربية أين يتم كذلك إخضاعهم لمتابعة طبية دائمة. يذكر، أن هذه الظاهرة عرفت انتشارا واسعا في دول العالم وهي الآن تشكل أحد الانشغالات الكبرى للمختصين لمحاربتها. واذا كان عدد الأطفال المختطفين في الجزائر سنة 2007 قد بلغ 146 طفل فإن أغلبية العمليات تمت بدافع الاعتداء الجنسي. وحسب إحصائيات أجريت بدولة المغرب سنة 2006 ، فإن 46٪ من الأطفال الذين صرحت عائلاتهم بتعرضهم لاعتداءات جنسية تتراوح أعمارهم ما بين 11 و15 سنة، وتنخفض النسبة إلى 22٪ بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و10 سنوات و12٪ لمن هم بين 16 و18 سنة و10٪ للأطفال دون خمس سنوات. وتشير نفس الإحصائيات إلى أن 21٪ من المعتدين على الأطفال من الجيران و9٪ من المعلمين و6٪ يتقاسمها الآباء مع الحراس والأقارب والمديرين والعاملين بإدارة المدرسة. وأمام التنامي المذهل لهذه الآفة الخطيرة تبقى التوعية الدينية والالتزام بتعاليم الإسلام كفيلة بمحاربتها، كما يبقى الأولياء مطالبين بعدم الغفلة عن أبنائهم وهو الدور الذي ينبغي أن يجسده المجتمع المدني. سمير مخربش