كشف مواطنون وممثلون عن المجتمع المدني في بلدية عنابة، عن تجاوزات وانتهاكات خطيرة في حق بعض المقابر، التي تناثر رفاة قبورها بفعل عوامل الزمن والإنسان، إذ كشفت المعاينة الميدانية لموقع مقبرة حي الفخارين 3 المنسيّة عن إقدام سماسرة العقار على حرق العظام لطمر معالم القبور، واستغلال العقار. خرجت تجاوزات وانتهاكات العقار المعلنة والخفية في عنابة عن المألوف، لتطال القبور، إذ تعرضت مقبرة حي الفخارين 3 في بلدية عنابة، إلى اعتداء سافر على قبورها، التي قال شهود عيان من سكان المنطقة، إنها "قديمة وتحوي رفات بعض شهداء المنطقة الذين دفنوا إبان ثورة التحرير"، إذ عمد منتهكو حرمة المقبرة إلى تشييد بيوتهم القصديرية فوق قبورها، التي نبشت وأحرقت بقايا عظامها، في غياب أي رقيب أو حسيب، لكون المنطقة بعيدة عن أعين مصالح الأمن، ولا يقربها إلى قاطنوها. مع العلم أنها تضم أراضي تعود ملكيتها إلى الخواص وتم الاستحواذ على كثير منها لأجل تشييد آلاف من البيوت القصديرية التي سرعان ما تعاود الانتشار بعد كل عملية هدم وترحيل.
وصرح مواطنون ل"الشروق اليومي"، أنهم شاهدوا العظام البشرية الملقاة على سطح الأرض بأعينهم وبعضهم قام بجمعها، وأن هذه المقبرة أصبحت منسية على مر الزمن، لكن الأمر الصادم هو إقدام بعض الباحثين عن سكن فوضوي على إحراق هذه البقايا باستخدام البنزين والعجلات المطاطية لطمس أي معالم للقبور بما فيها السليمة منها. إذ تم فتح العديد من القبور، وأحرقت عظامها وشيدت فوقها أساسات عشرات البيوت الفوضوية. كما أكد أحد ممثلي المجتمع المدني، "أنه صدم لرؤية منظر العظام البشرية وهي ملقاة في العراء، فسارع إلى إبلاغ مصالح الأمن التي حضرت بدورها إلى المكان مصحوبة بالشرطة العلمية، وصورت الوقائع ولكن شيئا لم يتغير في أرض الواقع". مع العلم أن المقبرة أضحت أيضا ملاذا للمنحرفين ومتعاطي المخدرات بعيدا عن أعين المجتمع الذي تعوّد على اجتناب المقابر لحرمتها وقداستها. سيدي حرب.. مجاورة القبور للظفر بسكن ! غير بعيد عن حي الفخارين، وتحديدا إلى الأسفل توجد مقبرة سيدي حرب، التي تقدم لزائرها مشهدا فريدا قد ينذر رؤيته في مناطق أخرى، إذ تعود الناس على رؤية المقابر مسيّجة ومحمية، إلا أن مقبرة سيدي حرب يخترقها طريق معبد يؤدي إلى الحي السكني الجديد الذي أنجز منذ بضع سنوات، وإلى مجمّع من الأحياء الفوضوية التي تجاور الأموات وتمر وسط قبورهم صباح مساء، وليس من النادر أن ترى أبناءهم يجلسون أو يلعبون فوق القبور. والمقبرة بدورها لا تخلو من زوار الليل والنهار من المنحرفين ومتعاطي المخدرات ومروجيها. إذ يخاطر المئات بالعيش في تلك المنطقة التي تفتقد لكل ظروف العيش الكريم لأجل الظفر بسكن اجتماعي، حسب المعاينة الميدانية التي أجرتها "الشروق اليومي" بالمنطقة، إذ جعل كثيرون مجاورة القبور وسيلة للحصول على سكن اجتماعي بغض النظر عن الظروف القاهرة التي دفعت بهم إلى المكان. غير أن الملاحظ أن أغلب من تحدثنا إليهم، كشفوا عن شرائهم لتلك الأكواخ المجاورة للمقابر أو المشيدة فوقها عن طريق وسطاء وسماسرة احترفوا هذه المهنة مقابل مبالغ تتراوح ما بين 20 و40 مليون سنتيم، وذلك حسب موقع الكوخ وسعته وقربه أو بعده من الطريق العام وتوصيلات الماء والكهرباء العشوائية. مع العلم أن عمليات البيع والبزنسة بهذه الأكواخ تنتعش عقب كل عملية جديدة للترحيل. إذ يستغل هؤلاء السماسرة حاجة الفقراء لسقف يأويهم في ظل التهاب أسعار الإيجار بولاية عنابة. من جهته، قال رئيس بلدية عنابة، في تصريح ل"الشروق" إنه لا علم له بقضية مقبرة الفخارين 3 المنسية، ولكنه أمر بتشكيل لجنة لتقصي الأمر، مع العلم أن البلدية تتكفل بصيانة وتأمين المقابر التي تقع في محيطها.