حقق الأستاذ خنينف عبد الوهاب من سطيف حلم حياته بعدما تمكن من كتابة المصحف الشريف بيده، وهي العملية التي اصطبر عليها وكلفته 8 سنوات كاملة توّجت بإنجاز تحفة نادرة أتقنها عبد الوهاب خطا وزخرفة. * الأستاذ خنينف يبلغ من العمر الآن 52 سنة، وهو أب لأربعة أطفال، ويعمل أستاذ مادة التربية الفنية بمتوسطة محمد صفي الدين بحي طانجة بسطيف، اشتهر منذ الصبا بموهبة الخط الذي عشقه حتى النخاع فكان منذ سن المراهقة يكتب فوق أي شيء يجده أمامه، بما في ذلك منضدة المدرسة، فاشتهر بكتابته للآيات والأحاديث والحكم التي كان يوزعها على الأصدقاء والأحباب. وأصبح يتفنن في رسم مختلف أنواع الخطوط سواء تعلق الأمر بخط النسخ أو الرقعة أوالثلث أو الخط الديواني أو الفارسي أو الكوفي، فكان يضبط كل خط بقواعده ويبدع في إنجاز لوحات فنية نادرة. وفي سنة 1986 دفعه حبه إلى الخط إلى التنقل إلى مصر لفترة وجيزة لتعلم فنيات هذا الإبداع بالمدرسة العليا لتحسين الخط بالقاهرة، وظل بعدها ينظّم معارض خاصة به بولاية سطيف. * وعن المشروع الضخم المتعلق بكتابة القران الكريم فقد بدأت إرهاصات هذا العمل تتبلور عند وفاة والده الذي تأثّر كثيرا لفقدانه، حيث كان في تلك الفترة يطالع دوريا مديح البردة فقرّر كتابته بخط يده، وكان ذلك في سنة 1985، أين طبع منه خمسة آلاف نسخة لاقت استحسان كل من قرأها، الأمر الذي شجّعه على الشروع في كتابة القرآن، وكانت الانطلاقة سنة 1997 حيث بدأ بتخطيط الصفحات الأولى، وكانت البداية بالزخرفة المحيطة بالسور، فكل صفحة لها زخرفتها الخاصة التي ينجزها بيده دون استنساخ، وهو العمل الذي يتطلب صبرا كبيرا وقمة في الإتقان، إلى درجة أن عبد الوهاب كان ينهي صفحتين على الأكثر في اليوم إلى أن استغرقت العملية ثماني سنوات، نجح بعدها هذا الفنان في كتابة المصحف مع دعاء ختم القرآن، وكان ذلك على أوراق منفصلة بلغ عددها 604 ورقة كتبت بخط النسخ وبرواية حفص مع مراعاة كل الشروط والقواعد. * واعتاد على عرض كل جزء يكتبه على الشيوخ والأئمة لتصفحه وتصحيح الأخطاء، وحسب عبد الوهاب فإن أي خطأ يكلفه إعادة الصفحة بكاملها، وبلغ به الأمر حد إعادة صفحة واحدة ما يقارب عشر مرات. * والجدير بالذكر أن اللمسة الأخيرة لهذا المشروع كانت في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان 1426 ه الموافق لسنة 2005، وهو الآن يحتفظ بهذه التحفة التي تعد أروع ما جادت به يمينه، ويأمل أن يعيد الكرّة مع مصحف آخر يكتبه بالخط المغاربي الذي كتبت به المصاحف القديمة التي لا زالت موجودة ببعض مساجدنا.