قطاع الخدمات الجامعية غارق في الفساد كثيرون هم مديرو الإقامات الجامعية وحتى بعض المسؤولين ممن يتغنون بأن الطالب الجزائري الوحيد في العالم الذي يأكل وجبة غذائية مجانية بمبلغ رمزي لا يفوق الدينارين.. يأتي هذا الرقم البسيط من ميزانية ضخمة ترصد سنويا لقطاع الخدمات الجامعية تفوق 5000 مليار سنتيم وما يمثل 678 صفقة.. * * أكثر من 670 صفقة تسيل لعاب الخواص وتفتح شهية بارونات الرشوة * * وبعيدا عن الأرقام ما يصل في النهاية للطالب وجبة غذائية قد لا تفوق قيمتها 70 دينارا فيما هي مقدرة ب 150 دينار.. والأكثر أن جزءا من تلك الصفقات يأخذ وجهة أخرى وهو ما يكشف عنه وجود أزيد من 20 مديرا متابعا قضائيا.. فيما مديرون ولائيون يقبعون في السجون. * خصصت وزارة التعليم العالي لهذا الموسم أزيد من 5000 مليار سنتيم، ميزانية موجهة للخدمات الجامعية، تمثل كل من الإطعام، النقل، الإيواء، وما قيمته 2 بالمائة توجه نحو النشاطات الثقافية والرياضية داخل الإقامات الجامعية، يحوز منها قطاع النقل صدارة الميزانية المخصصة لذلك، وتوجه هذه الميزانية وفقا للقانون وبتنسيق من طرف والي الولاية نحو مدير الخدمات الجامعية، حيث يتم استقبال عروض الصفقات، وتكشف الأرقام المتوفرة "للشروق" أنه تم فتح 678 صفقة عمومية خاصة بقطاع الخدمات الجامعية، فيما يتم دراسة العروض من قبل لجنة الصفقات الولائية، وعملت وزارة التعليم العالي على إلغاء العمل بالإتفاقيات المقدرة ب 259 اتفاقية. * * لا وجود للجان ولائية تتابع ميزانية صرف الخدمات الجامعية * * كشفت بعض الأرقام التي تحصلت عليها "الشروق اليومي"، وجود أكثر من 20 مدير إقامة جامعية متابع قضائيا، بتهم مختلفة من بينها تعاطي الرشوة، وتجاوزات في الإتفاقيات، إلى جانب قضايا أخرى تتعلق بالتحرش الجنسي ضد طالبات بعض الإقامات الجامعية، وهي شكاوى رفعها بعض الطلبة، وتسند لمديري الإقامات الجامعية مهمة تسيير الميزانية المتمثلة في النشاطات الرياضية والثقافية، ويكشف بعض الأطراف التي لها علاقة بالجامعة أن هذه الميزانية وبالنظر إلى ضآلتها فإنها لا تصرف أو يصرف منها جزء صغير على بعض حفلات الأعياد الوطنية كعيد الطالب، ومن الأرقام التي تحصلنا عليها، وجود عدد من المديرين الولائيين للخدمات الجامعية داخل السجن ومن بينهم المدير الولائي السابق للبليدة والذي أفرج عنه مؤخرا، المدير الولائي للخدمات غرب العاصمة المتواجد بالسجن بتهمة الرشوة، المدير الولائي للخدمات بتيزي وزو، المدير الولائي للخدمات الجامعية وسط بعنابة موجود في السجن، المدير الولائي للخدمات بورقلة، المدير الولائي للخدمات الجامعية بتلمسان، وتأتي هذه الأرقام من مجموع 41 مديرا ولائيا إلى جانب وجود أزيد من 250 إقامة جامعية عبر الوطن. * * مديرون لدى الديوان أقيلوا بسبب عجزهم وآخرون لصفقات مشبوهة * * كشفت مصادر مطلعة أن الديوان الوطني للخدمات الجامعية، الذي تأسس عام 1995 تداول على رئاسته 10 مديرين منذ العام 2003 أي بمعدل مدير لكل 8 أشهر، أقيل بعض مديري فروعه على غرار "أ.ح" بسب عجزه في التسيير إلى جانب "ل.ب" على وقع قضية مالية لاتزال مجرياتها في العدالة، و"ب.ع" بسبب عجز في التسيير، و"ص.ب" الذي تؤكد بعض الأطراف أنه أقيل من أجل ميزانية التجهيز إلى جانب المدعو "م.م". * وبعيدا عن رقم 5000 مليار سنتيم الذي يحسب على ميزانية التجهيز يأتي رقم 678 صفقة وهو ما يسيل كل موسم لعاب الكثيرين من الطامعين في ميزانية الطلبة ولو بالرشوة، إلى جانب عدد الإتفاقيات المقدرة ب 259 والتي طالبت وزارة التعليم العالي بإلغائها والعمل بالصفقات. * * نصف مليون طالب داخل الإقامات الجامعية ووجبات إفطار بلحم الحمير * * أكثر من نصف مليون طالب موزع على أكثر من 250 إقامة جامعية، رقم ينال حصة الأسد من ميزانية الخدمات الجامعية، كما ينال حصته هو الآخر من الإتفاقيات والتجاوزات المشبوهة، ترصد ميزانية الخدمات الجامعية وجبة غذائية تقارب قيمتها المالية 1.80 دينار، وهي المقدرة ب 150 دينار، ويراعى فيها التنويع، غير أن الملاحظ في كثير من الإقامات الجامعية أن ثمنها الحقيقي لا يتعدى 70 دينارا.. وتتفاقم أزمة الطلبة في الوجبات الغذائية كلما ازداد عدد الطلبة داخل كل إقامة جامعية. * وبهذا الصدد، يؤكد النائب في البرلمان عن حزب الأفلان والأمين العام للتنظيم الطلابي، التحالف من اجل التجديد الطلابي، سيد احمد تمامري، أنه لا توجد لجنة ولائية ولا وزارية تسند لها مهمة مراقبة صرف ميزانية الخدمات الجامعية، وهي الحلقة المفقودة التي تفتح الباب أمام ذهابها لوجهات أخرى، مؤكدا ضرورة إرساء لجنة تكلف بهذه المهمة بدءا من الصفقات العمومية والإتفاقيات وصولا إلى أيدي الطلبة من وجبات غذائية ووسائل نقل، هذا ومن زاوية أخرى أثيرت مؤخرا في البرلمان قضية تناول طلبة بعض الإقامات الجامعية، للحوم الحمير وهو ما أثاره النائب بلقاسم بن حصير عن الأرندي، مما استدعى فتح تحقيق أمني في القضية... * وبعيدا عن لحوم الحمير، يبقى السؤال مطروحا.. ترى هل يأخذ الطالب المغلوب على أمره حصته من هذه الميزانية في ظل اتهامه بأنه الطالب الوحيد الذي يأكل وينام مجانا؟.