خرجت قمة الغذاء العالمي في روما بنتائج شحيحة وبتوصيات ووعود لا تسمن ولا تغني من جوع، خصوصا أن المليار فقير حول العالم ملّوا تماما من وعود حكوماتهم الوطنية المتسلطة.. * والتي استولت على كل المقدّرات والثروات المحلية، وأيضا على المعونات الخارجية، فأصبحنا لا نندهش كثيرا للمفارقة التي تجعل من حاكم سمين يرأس شعبا ضعيفا لا حول له ولا قوة، كما لا نستغرب أيضا لدولة فقيرة يصرف نظامها الملايير على فاتورة التسلح وهو لا يعرف حتى كيف يضبط فاتورتي الحليب أو الزراعة في بلده! * قمة "الفاو" في روما حوّلها البعض إلى نكتة وضحك على الذقون ومسخرة من الشعوب الفقيرة، إلى درجة أن الرئيس السينغالي قال للأغنياء الحاضرين فيها "كفّوا عن معاملاتنا كشعوب متسولة"، رغم أنه يدرك تماما أن التسوّل ليس خيارا لدى الأقوياء فقط، لكنه تحول إلى استراتيجية عند الضعفاء، كما أضحى الذلّ سياسة وطنية، وحينها لا يملك الواحد إلا أن يقول متعجبا كيف لأولئك الذين ارتضوا لأنفسهم ولشعوبهم التسول أن ينتفخوا شرفا وممانعة كلما أخذوا درهما، والحقيقة أنهم كانوا يطمعون في درهمين، فمن يهن يسهل الهوان عليه في كل الأحوال! * لقد تحولت الزراعة في العديد من البلدان الفقيرة إلى نقمة بعدما كانت نعمة إلهية، تماما مثل البترول، وظهرت على سبيل المثال عندنا في الجزائر العديد من الجماعات المافياوية المرتبطة بالقطاع، فنجد أن هنالك مافيا للدعم الفلاحي، ومافيا للعقار استولت على الكثير من الأراضي المنتجة، ولا شك أن الماسكين بتلك الجماعات والضامنين حماية قصوى لها والراعين السامين لباروناتها في كل البلدان، هم أنفسهم من جلسوا يتسوّلون في روما من كبار القوم الذين سخروا من الحكام، فما بالك بالمحكومين؟! * صحيح أن الأغنياء يتحمّلون مسؤولية مباشرة عن مشاكل غذائية وطبيعية مثل الاحتباس الحراري والوقود الحيوي وغيرهما من الأزمات، لكن الفقراء تحولوا في أعينهم إلى جزء من التلوث الذي ينبغي التخلص منه بأسرع وقت. ألم تقل مستشارة ألمانيا أن أهم مشكل يؤرقها رفقة الأغنياء يتلخص فقط في كون الهنود قرروا الأكل مرتين في اليوم أو أن استهلاك الصينيين للحليب تضاعف فخلقوا أزمة لغيرهم، لذا قد نفاجأ قريبا بعقد ندوة دولية لدراسة كيفية القضاء على تلك الشعوب الفقيرة والمتسولة والجائعة أو بحث طرق إنقاص عددها بعدما لم تفلح كل حروب الأغنياء والحروب الداخلية المدعومة من طرفهم في إنهاء مشكلة الغذاء؟!