دعا الأمين الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني والعضو السابق في لجنة التنسيق والتنفيذ للثورة التحريرية، السيد عبد الحميد مهري، السلطات الجزائرية إلى أن تدعو الفلسطينيين إلى "لقاء أخوي" في الجزائر من أجل دراسة التجربة الثورية الجزائرية قائلا بأن الوحدة كانت سر نجاح ثورة نوفمبر وأنها يمكن أن تكون ذات فائدة لتوحيد الصف الفلسطيني، مضيفا "إنهم يمرون بوضع سبق أن مررنا به" في إشارة إلى الانقسام الذي حدث في بداية الثورة الجزائرية، وقد لقيت دعوة مهري ترحيبا وموافقة من السفير الفلسطيني بالجزائر. وأوضح مهري، في لقاء تضامني مع الشعب الفلسطيني أقيم بمنتدى يومية المجاهد، يوم الأربعاء، بأنه يقترح مقترحه هذا على السلطات الجزائرية في وقت أصبحت بعض الحكومات العربية "رهينة حسابات خاصة"، حيث قال "آمل أن تتميز- الجزائر التي تملي عليها ثورتها تحمل مسؤوليات ثقيلة وتفرض عليها واجبات جسام- عن الموقف العربي فيما يخص الملف الفلسطيني، الذي أصبحت بعض الحكومات العربية رهينة حسابات خاصة بشأنه"، ولم يسمّ مهري تلك الأنظمة العربية. وفي إشارة إلى الوضع الداخلي الفلسطيني الذي يشهد انشقاقا بين حركتي حماس وفتح، قال مهري بأن الفلسطينيين مدعوون إلى الاقتداء بالثورة الجزائرية التي كانت الوحدة سرّ نجاحها، وهي دعوة مباشرة للعودة إلى الصف الواحد ورصّ الصف الفلسطيني في وقت، قال مهري، يشهد غطرسة إسرائيلية تمكّنت من أن تفرض وضعا انتَهكت فيه إسرائيل جميعَ القيم الإنسانية والمواثيق الدولية دون أي عقاب. وهاجم مهري بعض الأنظمة العربية متحاشيا تسميتها، قائلا "إن المأساة الكبرى هي مشاركة العرب في مسار السلام الذي يُضفون عليه صبغة الشرعية في الوقت الذي تقوم إسرائيل بمحاصرة وتجويع الشعب الفلسطيني بكامله، وهو ما يعطي الانطباع بأن مهري لا يؤمن بعملية السلام في الوقت الحالي. وفي اتصال مع "الشروق أون لاين"، امتنع الأستاذ عبد الحميد مهري عن الإجابة عن سؤال بشأن الأهداف البعيدة من وراء اقتراح هذا اللقاء على الفلسطينيين، وعما إذا كان الأمر يتعلّق بتحويل الجزائر إلى محضن للثورة الفلسطينية بعد أن كانت محضنا لإعلان قيام الدولة الفلسطينية في 15 نوفمبر 1988 في دالي براهيم بالجزائر العاصمة، قال مهري بأنه يكتفي بما قاله في ندوة المجاهد، وأنه لن يعلّق عما أدلى به، واكتفى بالقول "إن الأمر يتعلّق بمقترحات يُمكن أن يُؤخذ بها كما يمكن أن لا يؤخذ بها". ولم يُحدد مهري ما إذا كانت هذه الدعوة ترمي إلى إفادة الفلسطينيين ب"تكتيكات" العمل الثوري من أجل استرجاع الحقوق واستباق ذلك بتوحيد الصف الفلسطيني وعلى وجه التحديد بين حماس وفتح كبرى الفصائل الفلسطينية، فيما يشبه مبادرة جزائرية، دون تسميتها بهذا الاسم. وقد لقي مقترح الأستاذ عبد الحميد مهري موافقة السفير الفلسطيني في الجزائر، السيد أحمد عبد الرزاق السلمان، قائلا بأن الجزائر عوّدت الفلسطينيين على أن تكون سندهم في أصعب الظروف، مضيفا "ولذلك نتوجّه نحوها اليوم". وأقر أحمد عبد الرزاق بتحمل جميع الأطراف الفلسطينية مسؤولية الانقسام الذي يعيشونه اليوم قائلا بأن هذا الأمر غير مقبول خاصة في الظروف الحالية المتأزّمة، كما استغرب عبد الرزاق ما أسماه "فشل مجلس الأمن في إصدار لائحة تضمن حماية المدنيين الفلسطينيين من الاعتداءات الإسرائيلية، مدينا في الوقت ذاته صمت المجموعة الدولية على الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة. من جهة أخرى، فنّد الأمين العام للمجلس الاستشاري لاتحاد المغرب العربي السيد سعيد مقدّم أن قيام دولة فلسطينية على أرض الواقع، قائلا بأن هذا الأمر هو حلم لم يتحقق بعد، واعتبر الانقسام العربي أكبر مصيبة طالت الأمة العربية في الوقت الحالي، ودعا المتحدث إلى إعداد ما أسماه "استراتيجية عربية مشتركة تخرج العمل العربي من مرحلة الإدانة إلى مرحلة الفعالية"، في إشارة إلى لغة التنديد، والتنديد بشدّة، التي لا يزال العرب متمسكين بها.