أوردت وكالة الصحافة الفرنسية تقريراً عن خطر القنابل العنقودية على اطفال لبنان لا سيما في الجنوب الذي تعرض للقصف كثيف بهذه القنابل المحرمة دولياً وهنا نص التقرير : وكالات مثل كرة قدم صغيرة سوداء تقبع وسط التراب غير بعيد عن الباب الرئيسي لمنزل هيثم دعبول في بلدة بنت جبيل بجنوب لبنان. تبدو من مظهرها غير ضارة لكن مجرد ركلة غير واعية لها من طفل مار كفيلة بتفجير تلك القنبلة العنقودية وهي واحدة من بين الاف الذخائر التي لم تنفجر والتي ألقت بها "اسرائيل" فوق البلدات والقرى ومنحدرات التلال بجنوب لبنان خلال حربها التي استمرت 34 يوما مع مقاتلي حزب الله. ويمكن لتلك القنيبلات أن تشوه ضحيتها أو تقتلها. وفي وقت الحرب قد تصيب المقاتلين الذين يطلقون الصواريخ. أما الان ومع سريان هدنة هشة فهي تستقر حيث سقطت لتشكل حقول ألغام عشوائية تغطي مناطق واسعة. وقالت نادية زوجة دعبول "لا يمكننا ترك الاطفال يخرجون. هناك قنابل عنقودية كثيرة بالشوارع." وأضافت "خوفناهم من الاشياء التي على شكل كرة أو طبق أو أي شيء.. حتى الحجارة بالشارع." وتابعت قائلة "انه عذاب حقيقي. الاطفال يسألون ..كيف يمكننا العيش بهذا الشكل.. متى يمكننا الخروج.. متى يمكننا أن نحيا حياة طبيعية." ويعيش دعبول وزوجته وأطفالهما الاربعة مع نحو 12 من الاقارب في منزل استأجراه بعد عودتهما الى البلدة المدمرة بعدما أوقفت هدنة بدأ سريانها في 14 أوت القتال. وشهدت بنت جبيل بعضا من أشرس المعارك خلال الحرب مما دفع جميع سكان البلدة تقريبا الى الفرار. وأخذت الرحلة أسرة دعبول من ملجأ مؤقت الى اخر في أنحاء مدينة صور بجنوب لبنان ومنها في النهاية الى بيروت. وتحدثت نادية (28 عاما) والتي كانت ترتدي غطاء للرأس عن أطفالها قائلة "لقد تغيرت حياتهم... اعتادوا على التجول في أنحاء بنت جبيل.. والذهاب للسوق والملعب والى بيت جدهم. أما الان فهم محبوسون." وفي الشارع نفسه ترقد قذيفة لم تنفجر في شرفة مبنى يطل على ستاد تعرض للقصف. ومن الصعب تخيل كيف يمارس سكان بنت جبيل البالغ عددهم أربعة الاف شخص حياتهم في الوقت الذي تنتشر فيه هذه الكمية الكبيرة للغاية من مخلفات الحرب في المنطقة. ويواجه الاطفال مخاطر بصفة خاصة من القنابل العنقودية مثل تلك التي كانت ترقد بانتظار الطفل حسن الطحيني (10 سنوات) وقريب له في قرية عيتا الشعب الحدودية. وقال الطحيني من على سريره بالمستشفى في صور "كنا نسير دون أن ننتبه.. رأينا شيئا لكننا لم نكن نعلم أنه قنبلة." وأضاف "رأينا جزءا صغيرا منه بارز على سطح الارض. قلنا لانفسنا انها لعبة.. وماذا في ذلك.. ." ومضى يقول "دسنا عليه فانفجر وقذفنا في الهواء مترين أوثلاثة." وتمتم قائلا "لقد أنقذنا الله." وقضى طحيني يومين في العناية المركزة بمستشفى جبل عامل في صور الى جانب قريبه سيكني (12 عاما) حيث أصيب طحيني باصابات مضاعفة في الامعاء الدقيقة والكبد والمعدة. وقال ناصر فران الجراح الذي أشرف على علاجهما وعلاج نحو عشرة اخرين من ضحايا القنابل العنقودية مؤخرا ان حياتهما غير مهددة. وأكدت الاممالمتحدة أن "اسرائيل" أغارت 249 مرة بقنابل عنقودية في أنحاء لبنان وتقول ان القنيبلات قتلت ثمانية أشخاص وأصابت ما لايقل عن 38 منذ بدء الهدنة. وقال تيكيميتي جيلبرت رئيس العمليات بمركز تنسيق العمل في مكافحة الالغام التابع للامم المتحدة في لبنان "انها مشكلة كبيرة." واضاف انه لا يساوره "أدنى شك" في أن استخدام "اسرائيل" للقنابل العنقودية ينتهك القانون الدولي الذي يحظر استخدام مثل تلك الذخيرة في مناطق مدنية. وتنفي "اسرائيل" استخدام تلك الاسلحة بشكل غير قانوني وتتهم حزب الله باطلاق الصواريخ عليها من البلدات والقرى. وأسفرت الحرب التي استمرت نحو خمسة أسابيع عن مقتل 1200 شخص في لبنان أغلبهم من المدنيين. كما قتل 157 اسرائيليا على الاقل أغلبهم من الجنود. وفي بنت جبيل تشعل نادية سيجارة وراء أخرى وتقول ان أعصابها مشدودة حيث تحاول التعامل مع الاطفال المحبوسين 24 ساعة في اليوم. واضافت "في كل مرة تحلق فيها طائرة فوقنا.. يرتعد الاطفال. عند سماع أي صوت يثبون من مكانهم من الخوف. انهم لا ينامون الليل." وعلى أرض الغرفة الاسمنتية يلعب بعض الصبيان الصغار بلا حماس ببنادق وطائرات وصواريخ لعب. والتوترات التي تركتها الحرب على أسرة دعبول تكرر نفسها مع الاف المدنيين في جنوب لبنان. ومن بين منظمات الاغاثة التي تحاول الاستجابة لتلك المشكلة منظمة (أنقذوا الاطفال) التي تعتزم اطلاق برامج قريبا لتوعية الاطفال بمخاطر القنابل العنقودية وغيرها من الذخائر التي لم تنفجر. وقالت ريبكا أمسالو مستشارة الصحة الطارئة للمنظمة في صور "نريد أيضا انشاء أماكن امنة يمكن للاطفال ممارسة اللعب أو الرسم أو التمثيل أو الغناء بها." وأضافت "انها وسيلة لهم للتعبير عن أنفسهم وعن مشاعرهم.. ولكي يكونوا أطفالا." واضافت ان المنظمة يمكنها أيضا تزويد المدارس بمواد للمساعدة في استمرار التعليم الرسمي حتى في المناطق التي دمرت فيها مباني المدارس. وباتت المدرسة المكونة من ثلاثة طوابق والتي اعتادت زينب (12 عاما) ابنة دعبول الذهاب اليها في ضواحي بنت جبيل هيكلا مدمرا حيث تحطمت جميع جدرانها بينما لا تزال مقاعد الدراسة في صفوف في غرفة للدراسة بالطابق الثالث. وسحق القصف الاسرائيلي متجر دعبول الذي كان يبيع الالات الموسيقية وهو ما حدث لباقي منطقة السوق في بنت جبيل والتي أصبحت الان أرض خربة تغطيها مبان مدمرة وطوب محطم وحديد ملتوي. وكان حال منزل دعبول (37 عاما) أفضل من غيره بعض الشيء. وكانت الملابس تتدلى من مغسلة كهربائية أصابتها احدى الشظايا غير أن الاطباق والاكواب لا تزال سليمة فوق الارفف بالمطبخ. وينتشر التراب والحطام فوق لعب الاطفال والاثاث أسفل ثقب في السقف. وأفلت جهاز التلفزيون من القصف. كما أفلتت أيضا صورة دعبول بينما كان مجندا بالجيش وهي موضوعة في اطار. وقالت الزوجة "يمكن اصلاح المنزل.. ولكن اذا لم نتمكن من الانتهاء من الاصلاحات قبل حلول الشتاء فسوف نضطر لاستئجار مسكن في بيروت." اليستير ليون