سجلت الطبعة السادسة لمعرض الكتاب الوطني الذي انطلق الأربعاء الفارط بالحامة، عدة نقائص على مستوى التنظيم من غياب الإشهار إلى مقاطعة الصحافة مرورا بغياب الجمهور، مما جعل الطبعة السادسة للمعرض تبدو باهتة ولا تعكس مستوى حدث ثقافي مثل المعرض الوطني في بلد سيكون عاصمة للثقافة العربية بعد أسابيع. عن أسباب هذا الفشل والنقائص المسجلة، حاولنا الاقتراب من مختلف الأطراف التي تبادلت التهم بين نقابة قالت إنها وفّرت كل ما تستطيع لإنجاح هذا الموعد وعارضين اشتكوا من سوء التنظيم وغياب الجمهور إلى مثقفين انتقدوا البرنامج الثقافي الذي لم يكن -حسبهم- في المستوى، وبين هذا وذاك بقيت أسئلة النشر والمقروئية وصناعة النشر في الجزائر معلّقة إلى حين. كانت الساعة قد تجاوزت بقليل الثانية بعد الزوال عندما دخلنا المكتبة أول أمس ولم يكن الجو يوحي أن المكان يحتضن معرضا للكتاب، حيث بدت الأروقة خالية تقريبا من الزوار ما عدا بعض الطلبة، إقتربنا من أجنحة بعض العارضين، محاولين الاستفسار عن انطباعاتهم حول يوميات المعرض فاتفقت أغلب الإجابات على كون المعرض في طبعته السادسة كان حدثا باهتا ولم يعرف إقبال الجمهور حتى أن القائمة على جناح "دار الأمل " قالت إنها تشعر بالملل عندما تجد نفسها لساعات اليوم الطويلة في مواجهة الكتب، نفس الرأي تقاسمته تقريبا معها القائمة على جناح المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار وجناح منشورات "ألفا". أسباب غياب الجمهور أرجعه هؤلاء إلى كون المعرض الوطني جاء بعد المعرض الدولي مباشرة ومن كان يريد أن يشتري الكتب اشتراها في المعرض الدولي، وليس هناك أي جديد يمكن أن يجده القارئ في معرض وطني يأتي مباشرة بعد معرض دولي، وحتى المؤسسات التي راهن عليها المنظمون لم تأت للشراء. وقد أكّد أغلب الناشرين أنه يجب أن توضع الطبعة السادسة للمعرض كعتبة للتقييم من اجل ترسيخ تقليد وطني ناجح، حيث أكّد مدير النشر لمنشورات "ألفا"، لزهري لبتر، "أن المشاركة في المعرض تقليد يجب ترسيخه وتشجيعه لأنه الموعد الوطني الوحيد الذي يروّج للكتب في الجزائر ولكننا -يقول لبتر- نسجّل بكل أسف العديد من النقائص التي ينبغي دراستها من طرف النقابة المنظمة مباشرة بعد المعرض، وخاصة ما تعلق منها باستراتيجية الإعلام وتوفير الإشهار للمعرض وتسطير برنامج ثقافي احترافي يكون في مستوى الحدث". من جهته، أكّد بشير مفتي من منشورات الاختلاف أنه "وبالرغم من أهمية المعرض الوطني وضرورته لكن يبقى من الأهمية بمكان التفكير مستقبلا في سبل توفير أفضل تنظيم ودراسة خاصة الجانب الإعلامي والإشهار للمعرض وبأكثر خصوصية جانب النشاطات الثقافية التي لم تكن متلائمة مع حدث ثقافي في مستوي معرض للكتاب، حيث كانت أغلب النشاطات تدور في المحاور العلمية وكان يمكن تنظيم ملتقى علمي لدراستها". وأضاف مفتي أن "الطبعة السادسة للمعرض جاءت مغرقة في المحلية وتعطي انطباعا بأنها خاصة بالعاصمة وحدها وليس بباقي مناطق الوطن"، وعلى ذكر غياب الإعلام أكد مسؤول دار "أوديسي" أن "حتى سكان العاصمة لم يسمعوا بالمعرض". أمام كل هذه النقائص حاول مسؤولو نقابة الناشرين الدفاع عن المعرض بكل الطرق، حيث أكّد كل من الأمين العام للنقابة مهند الجهماني وأمين المال مصطفى قلاب ونائب الرئيس حسان بن نعمان أنهم عملوا كل ما بوسعهم لتوفير كل أسباب النجاح للمعرض بما في ذلك الاتصال بالجرائد وإيصال الدعوات لأصحابها، مؤكدين أن موعد المعرض كان خيارا مفروضا قبل دخول العام الجديد. وتحجّج المتحدثون بعدد المشاركين في المعرض لنفي ادعاءات من يقول إنه فشل، حيث سجلت طبعة هذا العام مشاركة أزيد من ستين ناشرا بينما لم يشارك في طبعة العام الماضي غير 48 ناشرا، أما غياب الجمهور فقال المتحدثون إنها ليست مسؤولية النقابة، حيث تساءل بن نعمان قائلا "هل نحن مطالبون بإحضار الناس بالقوة إلى المعرض من الشارع"، كما اعتبر المتحدث أن مسألة التوقيت مبالغ فيها نوعا ما لأنه وفي نفس هذا الوقت هناك من يشارك في معارض أخرى في الولايات الداخلية مثل بسكرةوهرانغرداية... وأكد من جهة أخرى المتحدث أن المعرض ليس فقط موعدا تجاريا لكنه أيضا موعد ثقافي يستغله الناشرون للترويج لمنتوجاتهم وللقاء ببعضهم البعض، ودعا بن نعمان إلى استخلاص الأشياء الإيجابية من المعرض منها الإعلان لأول مرة على جائزة أحسن ناشر لتشجيع الإنتاج الوطني، وذهب بن نعمان إلى حد القول إن هناك من يسعى لضرب النقابة والتشويش على الطبعة لأسباب لا علاقة لها بكل ما يقال من سوء التنظيم، وفي مقدمتها غياب بعض دور النشر التي احتج الجهماني على تصنيفها في خانة الدور الكبرى، محملا الإعلام جزءا من المسؤولية في ذلك، متسائلا ما هي المعايير التي تم الاستناد إليها في ذلك، مضيفا أننا في الجزائر لم نصل بعد إلى تصنيف الدور الكبرى، وقد حاول البعض تحميل المكتبة الوطنية مسؤولية التقصير في تنظيم البرنامج الثقافي المرافق بسبب التأخر في إيصال الدعوات للضيوف وهو ما حاولنا الاستفسار عنه إلا أن الزاوي كان في رحلة عمل إلى تونس ولم يستطع أحد تحمل مسؤولية الحديث في مكانه. زهيه منصر : [email protected]