السّمعي البصري.. مجال حيوي وذو تأثير خطير في تشكيل الوعي الجماهيري وفي صناعة الرأي العام وأيضا في تحميل "تفاصيل" الوقائع اليومية على وسائط عابرة للحدود ولا تعترف بالجغرافية وقيود الساعة الزمنية. وثقافة السمعي البصري صارت مطلبا ملحا وضرورة تستدعيها متغيرات عالمية أثبتت أن الشعوب في وسعها أن تكون ضحية لجهلها بثقافة السمعي البصري. ومن أجل وعي مُتقدّم بضرورة حضور هذه الثقافة في حياتنا اليومية وتمكّن الجماهير الشبابية منها، بادرت دار الشباب "سراي عبد القادر" بمدينة طولقة ولاية بسكرة بتنظيم "الأيام الإعلامية للسمعي البصري" الأيام الإعلامية التي ستختتم اليوم شارك في تفعيلها جمعيات وشخصيات من مختلف جهات الوطن، لا سيما وأن التظاهرة فتحت المجال لمسابقة وطنية للفيلم القصير. وتتمثل الأهداف الأساسية لهذه الأيام في إضاءة مجال السمعي البصري وخلق حوار مع كاميرا التصوير وكيفيات قراءة المنتوج السّمعي البصري، والتّعرف على أبجدية صناعته بما يكفل التعامل المُدرك لخطورة التعاطي مع الرسائل السّمعية البصرية، لا سيما تلك الوافدة عبر الفضائيات الخاضعة لأجندات تقوم على التّهويل أو التهوين وخدمة أهداف قد تكون ضاربة للمصالح الوطنية وغايتها تشكيل مُتلقّي قابل للاستفراغ وإعادة التشبيع.. وعلى هامش الأيام السّمعية البصرية بطولقة، التقت "الأيام" بوجوه من المجتمع المدني يمثّلون فئات متباية، حيث صرّح الدكتور "بلعربي عقبة" أستاذ علم النفس بجامعة سطيف أن الشعوب "لاسيما العالم ثالثية" تكون ضحية للإعلام السمعي البصري الذي تجاوز أهدافه الإعلامية وصار يندرج في إطار مخططات دولية هي أبعد من إدراك الوعي الراهن للمتلقي البسيط.. فالجهل بأبسط أبجديات الصناعة السمعية البصرية يجعل "الجماهير" تنساق وتتفاعل وجدانيا مع الصورة المرئية وتستسلم للخطاب الملفوظ المُرافق لها. أما الشاعر "ميلود خيزار" صاحب ديوان "نبي الرمل" فقد دعا إلى تعميم هذه الأيام التكوينية التوعية في آن واحد عبر مختلف ربوع الجزائر، وأوضح أن العالم ركبه الجنون وهو على مقربة من نقطة المنعطف التاريخي التي تتفكك فيها مفاهيم الأمة والانتماء التاريخي والهوية الوطنية، وفي الحين ذاته تظهر مفاهيم أخرى صادمة للبنية المجتمعية وغير متوافقة مع مكوّناتها التاريخية والعقائدية، وأكد ميلود خيزار أن السمعي البصري صار واحدا من أهمّ وسائل "الاستعمار المعاصر".من جهته، بدر الدين خواذر، رئيس لجنة تنظيم الأيام السمعية البصرية، قال أن رسالة دور الشباب في الجزائر يجب أن تساير التحوّلات الدولية وتركّز نشاطاتها على المجالات التي تؤثر على الهوية الوطنية والانتماء التاريخي.. وتعمل على ترسيخ القيم الوطنية بأدوات العصر وتجتهد في صياغة وعي شبابي متقدّم بمتغيرات العصر وما تستدعيه "الحركية الدولية" من تحوّلات هادفة إلى إعادة رسم جغرافية العالم. هذا وقد عرفت أيام السمعي البصري بطولقة منافسة كبيرة بين المشاركين في مسابقة الفيلم القصير الذي تنوّعت مواضيعه وتقنياته وتكشّفت الروح الإبداعية لدى الشباب المشاركين من مختلف جهات الوطن وإدراكهم لثقافة السمعي البصري وصناعتها وخطورتها في تشكيل الوعي وتحصين الذات المجتمعية وتوثيق الحياة اليومية..