أصدرت محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة، أمس، حكما يقضي ببراءة بن بداوي إبراهيم من جناية القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد، بعدما التمس ممثل الحق العام عقوبة المؤبد في حقه، في الوقت الذي كان قد استفاد المتهم من انتفاء وجه الدعوى بخصوص قضية محاولة القتل والاستفادة من تدابير المصالحة الوطنية فيما تعلق بتهم الانخراط ضمن جماعات إرهابية كانت تنشط بالوسط إبان العشرية السوداء، كان المتهم خلالها لاجئا بألمانيا ودخل الجزائر في أوت 2006، بعد أن أطلق سراحه من سجن بون لأجل الاستفادة من تدابير المصالحة. لكنه وفور دخوله التراب الوطني تفاجأ بالحكم الغيابي الذي كان صادرا ضده بخصوص قضية الإرهاب والقتل العمدي حيث حكم عليه بالمؤبد والإعدام، قبل أن يتم إعفاؤه من قضية الإرهاب. وقد بدا أمس المتهم، الذي كان ينشط في صفوف الحزب المحل سابقا، بدا أمام المحكمة متماسكا، حينما انطلقت محاكمته بتذكير القاضي بالتهم المنسوبة إليه والمتمثلة في قتله الضحية كشاد مولود بتاريخ 21فيفري 1994في منتصف الليل والنصف. وكانت الأسئلة والأجوبة تتدفق تباعا، ذكر فيها المعني تفاصيل مهمة عن انخراطه ضمن الجماعات الإرهابية واتهامه بانتمائه للقاعدة من طرف السلطات الألمانية. القاضي: ما قولك في الاتهام الموجه إليك؟ المتهم: أنا بريء من قتل الضحية مولود ولم تكن لي أي علاقة بقضية اغتياله. س: تم اتهماهك بعد أن تمكنت مصالح الأمن الوطني من اغتيال أحد الإرهابيين والتي تبين فيما بعد أنه كان ضمن الجماعة التي اغتالت الضحية، وتأكد أنك كنت من بين المنخرطين فيها وأن المتهم قتل برصاصتين من بندقية، ليفر المتهمون إلى وجهة مجهولة... ج: لم أقم بأي جريمة قتل، والدليل أنني استفدت من تدابير المصالحة الوطنية. أنا فعلا كنت عنصرا من عناصر الجماعات الإرهابية الناشطة بالوسط خلال سنة 499، حيث صعدت إلى الجبل بعد حادثة الاغتيال. ونظرا لارتفاع الضغط بمنطقة براقي التي كانت تعرف آنذاك بكابول، صعدت إلى جبل ''أكفادو'' ببجاية لكوني كنت محل بحث. وبعدها بعامين أي خلال سنة 1996فررت إلى تونس عبر الحدود البرية وبعدها إلى ليبيا، حيث اشتغلت هناك واستطعت الحصول على مبلغ معتبر اشتريت به تذكرة إلى ألمانيا التي انتقلت إليها بجواز سفر مزور. ويضيف المتهم في سرد التفاصيل قائلا: دخلت ألمانيا حيث تم اتهامي بالانتماء إلى القاعدة وتم التحقيق معي ل31 مرة. وحينما لم يكن هناك أي دليل تم اتهامي باستعمال المزور لحيازتي وثائق مزورة وحكم عليّ بعامين حبسا نافذا، مواصلا: ''بعد أن طلبت اللجوء السياسي، وبعد أن قضيت 18شهرا من مدة العقاب، سمعت أخبار المصالحة الوطنية فقمت بإيداع طلب لدى السلطات الألمانية بخصوص إعفائي من بقية مدة العقوبة، مقابل السماح لي بالعودة إلى الجزائر حتى لا يفوتني حقي في الاستفادة من المصالحة الوطنية، على اعتبار أنني لم ارتكب أي جريمة قتل أو شاركت في المجازر التي حصلت آنذاك. ووافقت السلطات الألمانية على ذلك، يقول المتهم بن بداوي، وقام بإيداع طلب لدى السفارة الجزائريةبألمانيا والتي رحبت به انتقل بعدها إلى الجزائر بتاريخ 8 أوت 2006حيث قوبل بحكمين غيابيين ضده. وتتواصل سلسلة الأسئلة والأجوبة على نحو:القاضي: سمعت بعملية الاغتيال أم لا؟ المتهم: نعم سمعت بعملية الاغتيال؟ القاضي: من نفذ العملية؟ المتهم: سمعت أن عملية الاغتيال تمت من طرف جماعة تسمى بجماعة ''إبراهيم لافريك''. القاضي: ما هو سبب الاغتيال؟ المتهم: حسب ظني، إن المتهم كان مغتربا وكان يتاجر بالمخدرات. وعند هذا السؤال أصرّ المتهم على إنكار ما وجه إليه من جرم، الأمر الذي جعل ممثل الحق العام يعيد تلاوة الوقائع ويؤكد أن شهود عيان رأوا المتهم يقوم بعملية القتل، وأن مصالح الأمن الوطني جمعت معلومات حول القضية تم بموجبها اتهام بن بداوي. وتدخل ممثل الحق العام بالقول إن ''المتهم أنكر متحججا بتنوع الجماعات التي كانت تنشط ببراقي واختلاطها''، وطالب بتسليط عقوبة المؤبد في حقه. أما دفاعه فقد ركز على الرسالة التي قام بإرسالها المتهم إلى رئيس الجمهورية وإلى وزير الداخلية يشكو فيها ما لحق به من مشاكل فور دخوله التراب الوطني بالرغم من أن له حق الاستفادة من تدابير المصالحة الوطنية. كما أكد الدفاع أن التهمة غير ثابتة لاستحالة وجود شهود عيان ما بعد منتصف الليل في فصل شتاء من سنة 1994، فضلا عن كون المنطقة كانت جد مضطربة جعلت ساكنيها يلجأون إلى بيوتهم عصرا. وطالب الدفاع بتبرئة موكله من الجرم المنسوب إليه، قبل أن تقر المحكمة في الأخير ببراءة المتهم من الجرم المنسوب إليه.