كشفت يومية لوموند الفرنسية أن وزير الخارجية الفرنسي بيرنار كوشنير، يصر على أداء زيارة للجزائر دون تأخير، حسب تعبير اليومية الفرنسية المتحدثة بشكل غير رسمي باسم الاليزيه.وكشفت الصحيفة الفرنسيا هذه الأخيرة بأن كوشنير قد اقترح على نظيره مراد مدلسي أن تكون زيارته إلى الجزائر مع بداية مارس الداخل، مشيرة إلى أن مسؤول الدبلوماسية الفرنسية يريد تعجيل الزيارة بهدف تهدئة الأزمة بين باريس والجزائر دون أن تذكر ''لوموند'' طبيعة هذه الأزمة. رغم كثرة خلافات وجهات النظر بين البلدين على مستوى العديد من الملفات التي لم يتردد المسؤولون الفرنسيون وعلى رأسهم وزراء في حكومة فرانسوا فيون عن محاولة تفادي خطاب التهويل عند حديثهم عن هذه الملفات وبالأخص ملف قانون تجريم الاستعمار الذي تقدم بمشروعه مجموعة من النواب الجزائريين مؤخرا، وهو ما أثار هذا المشروع عشية توقيع باريس من جانبها على اتفاقية 2007 الموقعة بمناسبة الزيارة التي أداها ساركوزي في مارس من نفس السنة إلى الجزائر، بحيث جاءت ردود الأفعال الفرنسية متباينة تتراوح بين الاستنكار وبين محاولة التفهم وتفادي التهويل، غير أنها لم ترس على مطلب دعاة التصعيد وعلى رأسهم النائب تيري مارياني المرافعين على خيار تجميد التوقيع من الجانب الفرنسي. وكان برنار كوشنار -حسب ما أكدت الصحيفة الفرنسية- قد اضطر إلى تأجيل زيارته للجزائر بناء على اتفاق ثنائي بعدما كانت مقررة لمنتصف جانفي الماضي ونقلت الصحيفة ضمنيا أن الجزائر لم تر في زيارة كوشنير قيمة مضافة للعلاقات الجزائرية الفرنسية، وعلى العكس من ذلك أعرب مدلسي في اتصال مع يومية لوموند -حسب ما كشفته- عن ''تخوف لدى الجزائر من بقاء الزيارة التي كان سيؤديها كوشنير رقما إضافيا في القائمة الطويلة للمسائل الخلافية بين البلدين''، على حد تعبير مسؤول الدبلوماسية الجزائرية الذي أضاف بتحفظ أن ''تقييم الزيارات الدبلوماسية يكون بنتائجها''. وغير بعيد عن قضية تجريم الاستعمار وهو المطلب الذي لازالت الجزائر تتمسك به، فإن ثمة ملفات أخرى لا تقل أهمية في جملة التجاذبات أو الخلافات التي تطبع العلاقة الثنائية بين البلدين، أهمها قضية تصنيف الجزائر ضمن القائمة السوداء، بحيث يعتقد جزائريا أن باريس كانت على علم بذلك، دون إغفال تحفظ الجزائر على المنحى الانزلاقي الذي اصطبغت به النقاشات حول الهوية الفرنسية وهو الموقف الذي لم يتردد زرهوني في التعبير عنه باستهجان مباشر. ولكن مع كل هذا، فإن وزير الخارجية الفرنسي الذي يريد بلغة أقرب إلى الاستجداء أداء زيارة للجزائر، كان قد أدى زيارتين خاطفتين إلى مالي والتقى بمفاوضين عن الحكومة المالية مع إرهابيي القاعدة الذين يحتجزون الرهينة الفرنسي بيار كمات ولم يتوصل إلى حل وسط بعدما أبدى استعداد بلاده لتلبية ما يملكون، في إشارة إلى الفدية، بينما عجز كوشنير عن تلبية شروط ما يسمى بالقاعدة مما لا تملكه الحكومة الفرنسية، في إشارة إلى مطلب الإفراج عن الإرهابيين الأربعة المحتجزين لدى السلطات المالية ومنهم جزائري، خاصة بعدما رفضت حكومة مالي رفضا قطعيا الرضوخ للمطلب الفرنسي القاضي بتسليمهم الإرهابيين الموقوفين. وفي هذا الشأن، لم يبق أمام كوشنير غير طرق باب الجزائر لعله يجد مخرجا لملف الرهينة الفرنسي، خاصة وأن الجزائر سبق لها وأن حررت العديد من الرهائن وكان أهمهم الرهائن الألمان الذين اختطفهم الإرهابي عبد الرزاق البارا في 2003 وكان عددهم يتجاوز الثلاثين.