كشفت مصادر من حركة حمس ل"البلاد" أن الحركة بصدد إجراء مشاورات ثانية، لكن حول موضوع الرئاسيات فقط وفي أجندتها الاتفاق حول مرشح توافقي، بعد انتهاء الجولة الأولى من المشاورات دون التوصل إلى نتيجة تذكر، ما يجعل مشروع الأحزاب المعارضة حول ضرورة الخروج بمرشح توافقي لرئاسيات 2014، يواجه خطر التلاشي والفشل، بعد أن راهنت عليه الأحزاب لإحراج السلطة ودفعها لتقديم تنازلات سياسية في الاستحقاق المصيري. ويبدو فشل المشروع منطقيا بالنظر إلى الوضع السياسي العام في الجزائر وحالة الترهل والتشتت التي تعاني منها الأحزاب الجزائرية، التي لم تستطع أن تتفق على أبسط القضايا، ناهيك عن معاناتها من التصدع والانشقاقات الداخلية التي أصبحت السمة الغالبة في المشهد. وتبدو حركة حمس القاطرة الرئيسية لتجسيد "حلم المرشح التوافقي"، حيث يعتقد زعيمها الجديد عبد الرزاق مقري صاحب خيار المعارضة الواضحة في الحركة، أن المرشح التوافقي سيدحض نظرية الصراع بين الإسلاميين والوطنيين التي تروج في المنطقة بعد الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر. كما أنه سيحرج السلطة التي ستجد نفسها في مواجهة جبهة سياسية تمثل جميع الحساسيات والتوجهات، زيادة على أن التوافق سيمكن المعارضة من مراقبة سير الانتخابات بصرامة وقوة تمنع محاولات التزوير التي تتهم بها السلطة في كل الاستحقاقات الانتخابية. مقري يعتقد أيضا أن الوصول إلى المرشح التوافقي سيكون لبنة، تمكن المعارضة من الاتفاق على مواقف سياسية أخرى، وعلى رأسها رفض التعديل الدستوري قبل الرئاسيات. غير أن حسابات البيدر قد تخالف أحيانا حسابات الحقل، وكما يقال الشيطان يسكن في التفاصيل، فرغم أن جل المعارضة متفقة من حيث المبدأ على مشروع المرشح التوافقي كاستحقاق سياسي لا مفر منه لإعادة التوازن إلى المشهد السياسي، غير أن الدخول في مرحلة الأسماء والحسابات الحزبية الضيقة تجعل من هذا المشروع سرابا بعيدا. وتلعب الامتيازات المادية والأبهة التي يتحصل عليها المرشح الرئاسي دورا سلبيا في عملية التوافق، حيث يتحصل المرشح المختار على كذا مليار، زيادة على الحراسة والسيارات والظهور الإعلامي، ما يجعل الترشح حلما في حد ذاته، يصعب التنازل عنه بسهولة. كما تعارض أحزاب لها ثقل المشروع من الأساس، حيث اعتبرت زعيمة حزب العمال لويزة حنون أن انتقاء مرشح توافق يخالف الديمقراطية، التي تعني احترام المواقف وكذا البرامج الخاصة بباقي الأحزاب، فضلا عن الإيديولوجية، "خصوصا وأننا حزبا اشتراكيا". من جانبه رفض رئيس الجبهة الوطنية موسى تواتي خيار المرشح التوافقي، لأنه يحصر خيار الجزائريين في ثنائية مرشح السلطة ومرشح المعارضة. ويبقى كل من علي بن فليس وأحمد بن بيتور الأكثر حظا للفوز بثقة بعض الأحزاب الأخرى خارج وعاء السلطة، مقارنة مع الأسماء الأخرى، لكن لن يصل أي منهما حسب مصادر سياسية مطلعة إلى مرتبة المرشح التوافقي الكامل، لاستحالة صناعة أي إجماع حول اسميهما لاعتبارات سياسية وحزبية.