استفحلت بولايات عديدة من الوطن ندرة أكياس الحليب المبستر، الذي يعد الأكثر استهلاكا لدى العائلات خلال شهر رمضان وأيام العيد، وذلك موازاة مع الارتفاع الجنوني في أسعار حليب البقر الطازج الذي وصل إلى 85 دينارا جزائريا للتر الواحد بعد أن كان سعره لا يتعدى 50 دينار. وتشير تحقيقات ميدانية إلى أن عصابات التهريب إلى تونس تقف وراء الظاهرة. وعبر العديد من المواطنين عن تذمرهم من رجوع أزمة المضاربة من جديد إلى الأسواق، خصوصا أنها شملت مادة استهلاكية ضرورية، وما زاد من حدة امتعاضهم تخوفهم من استمرار ندرته في آخر شهر رمضان وأيام العيد، حيث يزداد الإقبال على مادة الحليب، مطالبين الجهات المعنية بضرورة مراقبة الأسواق لتطهيرها من جشع التجار والمضاربين. وقد عرفت مختلف الفضاءات التجارية المخصصة لبيع الحليب والأجبان منذ أيام، طوابير طويلة للمواطنين الذين ينتظرون دورهم للظفر بالحليب. وتشهد عدة بلديات وتجمعات سكنية بولاية الطارف الحدودية منذ بداية الشهر الفضيل، ندرة حادة في حليب الأكياس بفعل المضاربة بهذه المادة الحيوية التي تنفد بمجرد عرضها في الصباح الباكر، ما تسبب في التهاب أسعار الكيس الواحد حيث تجاوز مبلغ 50 دينارا في مناطق و60 دينارا في مناطق أخرى، حيث تشهد محلات البيع منذ الفجر طوابير لها أول وليس لها آخر للحصول على حليب الأكياس وسط تذمر في أوساط السكان الذين استنكروا غياب مصالح الرقابة لاسيما أن ما يدور في الشارع المحلي هو أن أكياس الحليب يتم تهريبها إلى الأراضي التونسية وهو السبب الرئيسي وراء ندرة المادة في السوق المحلية. ويؤكد مسؤول بمكتب اتحاد التجار والحرفيين لولاية الطارف أن المعطيات المتوفرة فعلا تفيد بوجود نشاط مجموعات احترفت تهريب مادة حليب الأكياس إلى تونس منذ أول أيام شهر رمضان حيث يعرف بيعها إقبالا منقطع النظير لدى التونسيين لاسيما المتساكنين على التماس مع الجزائر. ولمواجهة الضغط، اضطر التجار أمام نقص المادة إلى تسقيف بيع الحليب بتوزيع كيسين على كل زبون ريثما تعود الوضعية إلى حالتها الطبيعية، في حين لجأ بعض المواطنين إلى مدن مجاورة كعنابة والحجار وسوق أهراس وبوشقوف بقالمة لاقتناء ما يكفي من أكياس الحليب لسد حاجياتهم في هذا الشهر الفضيل لاسيما من محدودي الدخل. وحمّل بعض المواطنين النقص الكبير في أكياس الحليب إلى بعض التجار المتواطئين حسبهم مع مهربي هذه المادة إلى تونس، إلى جانب مزاحمتهم من قبل المواطنين التونسيين المتسوقين بالمنطقة والآخرين الذين يدخلون المدينة للتزود بالمازوت بمعدل 800 سيارة في اليوم والذين يجلبون لدى عودتهم كميات معتبرة من أكياس الحليب مع وصولها باكرا إلى المحلات. هذا الواقع يكذب تطمينات وزير التجارة الذي لم يكن يفوت مناسبة إلا ويثني على "إجراءات احترازية اتخذتها الحكومة لتأمين المواد الاستهلاكية وذات الإقبال الواسع في رمضان". ويطرح المواطنون من جهة أخرى رداءة نوعية بعض علامات الحليب والتي تبقى تفتقر للمواصفات لاحتوائها على نسبة عالية من المياه ونقص المادة الدسمة بها وسرعة تلفها ما يطرح عدة استفهامات. وفي غضون ذلك، أرجع التجار نقص أكياس الحليب وندرته ببعض المناطق إلى ضعف تزويدهم بالكميات المطلوبة من وحدات الإنتاج المحلية وحتى من خارج الولاية، ذلك أن الحصص الهزيلة حسبهم الموزعة تراجعت في الآونة الأخيرة بنسبة 50 بالمائة، بسبب نقص هذه المادة في السوق المحلية وتراجع الإنتاج لتغطية حاجيات السوق، حيث توزع عليهم في الوقت الحالي كميات لا تتعدى 4 صناديق من أكياس الحليب سرعان ما تنفد. فيما اشتكى آخرون من تحايل بعض الموزعين عليهم، حيث استغل البعض الأزمة لرفع هامش الربح لهذه المادة، الأمر الذي انعكس سلبا على ارتفاع أسعارها في السوق في غياب تدخل مصالح الرقابة لردع المخالفين وتنظيم هذا النشاط مع ضمان توفير حاجيات الولاية من أكياس الحليب. في حين برر بعض الموزعين أسباب الأزمة الخانقة بضعف الحصص المخصصة لهم من قبل الوحدات خاصة تلك التي عرفت مشاكل بسبب عدم تزويدها من قبل الديوان الوطني للحليب بحاجياتها من مسحوق الحليب، مما دفعها للعمل بأقل من طاقتها الإنتاجية. وأفاد متحدثون ل"البلاد" بأنهم يضطرون مكرهين إلى التنقل نحو الولايات الأخرى كقسنطينة، قالمة وسكيكدة لجلب كميات قليلة من أكياس الحليب لتغطية حاجيات السوق المحلية أمام الطلب الكبير على هذه المادة وهذا بعد عجز الملبنة الوحيدة المتواجدة بالولاية عن تلبية كل الحاجيات