طلب من مستشاره تشخيص أزمة الحزب العتيد كلف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، مستشاره اللواء بشير طرطاڤ، بمتابعة ملف حزب جبهة الحرير الوطني وتزويده بتقرير مفصل يحوي الأسباب الحقيقية لتواصل مسلسل الصراع داخل الأفلان، بالإضافة إلى الأسباب التي تقف وراء هذا الصراع الذي أصبحت حلقاته تشبه حلقات المسلسلات المكسيكية. وخلافا لما هو متداول في الأوساط الإعلامية والسياسية، فإن مدير الأمن الداخلي السابق بجهاز الاستعلامات والأمن، والحامل لشهادة ماجستير في علم الجغرافيا التقنية، يشغل منصب مستشار أمني وسياسي لدى رئيس الجمهورية وليس مستشارا أمنيا فقط كما روج لذلك. ويفهم من تكليف بشير طرطاڤ، أن الرئيس الفعلي للحزب، كما ينص عليه القانون الداخلي للجبهة أو الرئيس الشرفي كما يحبذ البعض الآخر من الرافضين للتسمية الأولى، يريد تقريرا مفصلا من مصدر مستقل له من الحنكة والخبرة ما يؤهله لعدم الوقوع في خطأ تشخيص داء الحزب، وذلك بعيدا عن روايات بلخادم وقصص سعداني واسطوانات آخرين، ما يسهل على الرئيس إيجاد الدواء الحقيقي لمرض الجبهة والذي طال أمده ويعود إلى سنة 2003. ويأتي تكليف طرطاڤ من طرف الرئيس بمتابعة ملف الأفلان، بعد تواصل الصراع بين الأشقاء الفرقاء داخل الحزب العتيد منذ ديسمبر 2003 تاريخ إلغاء العدالة لنتائج المؤتمر الثامن المنعقد في مارس من السنة نفسها، حين كان علي بن فليس يشغل منصب الأمين العام، قبل أن يقرر الترشح لرئاسة الجمهورية ومنافسة الرئيس بوتفليقة. ورغم أنه في تلك الفترة تم انتخاب رجل ثقة الرئيس، عبد العزيز بلخادم الذي قاد رفقة العديد من داعمي الرئيس بوتفليقة، حركة تصحيحية لاسترجاع الحزب من قبضة بن فليس وتم لم شمل أبناء الحزب تحت مظلة المؤتمر الثامن الجامع في جانفي 2005، إلا أن هذه المظلة لم تكن كافية للم شمل جميع مناضلي وقيادات الجبهة، بعدما تشتت مصالح وأطماع القيادات التي أصبح إرضاءها شيئا صعبا تحت قبعة الجبهة، ولم يتمكن الرجل الذي كان في تلك الفترة يحوز على ثقة الرئيس من إقناع جماعة عبد الكريم عبادة التي باشرت عصيانها ضد قرارات الأمين العام، لتتسع نطاق الحرب الطاحنة آنذاك بين بلخادم والتقويمية لتمس المقصين من تشريعيات 2012، أو ما يعرف بالمركزيين والذين كانوا يدعمون بلخادم، قبل أن يعلن الأخير عن قوائم تشريعيات ماي 2012 والتي يرى العارفون بخبايا الحزب، أنها كانت وراء خسارة المستشار الخاص السابق للرئيس لمنصب الأمين العام بفارق 4 أصوات. ورغم أن عمار سعداني تقدم في دورة 29 أوت بالأوراسي كمرشح وحيد، ما أوحى بأنه مدعوم من طرف الدائرة الرئاسية وحمل الرجل شعار لم شمل أبناء الحزب، إلا أن كل هذا لم يمكنه من الوصول إلى مبتغاه من جهة ومبتغى الرئيس من جهة أخرى، والهادف إلى جمع أبناء الحزب العتيد ولم شملهم، بل اتسعت نطاق الحرب السياسية لتشمل أنصار بلخادم وجماعة بلعياط، وفرقة أخرى من نواب البرلمان يتحدثون باسم عضو اللجنة المركزية ووزير العدل الطيب لوح، إضافة إلي نقد عبد الكريم عبادة لبنود اتفاقية الصلح التي عقدت بينه وبين سعداني. ويرى مراقبون أن الرئيس بوتفليقة غير مقتنع بالدور الذي يلعبه الأفلان بالساحة السياسية حاليا في مواجهة أحزاب المعارضة التي شحذت سكاكينها لذبح السلطة. ويرى أصحاب هذا الطرح أنه لو كان فعلا الأفلان في عز مجده، لكان صاحب مبادرة جمع الأحزاب والشخصيات السياسية المختلفة المعارضة والمؤيدة للنظام على طاولة الحوار، ويقوم الحزب بدور "المسهل" لإيجاد الحل، لا أن يصبح هو طرفا في المشكل أو الصراع، ما حتم على السلطة أن تقبل بمبادرة الأفافاس بعدما اقتنع الرئيس أن حزبه لايزال غارقا في مشاكله التي بدورها تحتاج إلى مبادرة حل وتوافق أو تدخله الشخصي.