تواصل الجزائر جهودها لإنجاح مبادرتها الخاصة بحل الازمة الليبية، من خلال سعيها للوصول إلى حلول توافقية ترضي اطراف النزاع، إلا أن هذه الجهود ليست كافية على ما يبدو للتخلص من "الأنا" التي يتعامل بها كل طرف، حيث لا يمكن لأي طرف إخفاء أهدافه في التموقع جيدا في السلطة في المرحلة القادمة، ولعل أبرز نقاط الاختلاف، الدستور، الشرعية، البرلمان والأمن، ما يجعل الجزائر في موقف لا تحسد عليه، يجبرها على الالتزام بنفس طويل لتجسيد خطوة واحدة نحو الأفضل. وأوضح رئيس حزب العدالة والبناء، محمد صوان، أن الجزائر نجحت في إقناع الأطراف الليبية بأهمية الحل السياسي لتجنيب البلاد المزيد من الانفلات الأمني، حيث اتفق الجميع على البحث عن مخرج سريع للأزمة، بسبب خطورة الوضع الحالي، إلا أن هناك مسائل محل اختلاف أبرزها "الشرعية"، مشيرا إلى وجود انقسام في الشارع الليبي حول هذه النقطة بالذات، وهو الذي كان سببا في الصراع المسلح في ليبيا، مقترحا أن يتم البحث عن "حل توافقي" يقوم على توزيع السلطات بين المجلس الرئاسي والبرلمان والمجلس الأعلى للدولة، مشددا على ضرورة تحصين ما يتم الاتفاق عليه من الطعن أمام القضاء مستقبلاً لضمان سلامة العملية السياسية ونجاحها واحترام حكم الدائرة الدستورية، وتعديل ثامن للإعلان الدستوري. وفي السياق، لوح اللواء خليفة حفتر بالحل العسكري في ليبيا، بالرغم من تصريحاته السابقة التي أكد فيها دعمه للحوار والمفاوضات بين أطراف النزاع، قبل أن يعود ويشكك في قدرة الحوار على حل الأزمة الليبية، وينوه بالحل العسكري، وذلك بعد سلسلة زيارات قام بها إلى مصر، الأردن والإمارات وغيرها، في إطار جهوده لحشد الدعم للحل العسكري أو ربما العكس تماما تنفيذ مخططات تحاك خارج ليبيا لإجهاض الحوار الليبي، خصوصا وأن الأردن وعدت بتقديم استشارات عسكرية وأمنية، لتدريب الجيش الليبي، ودعمها له في حربه ضد "الإرهاب"، وهي إشارة واضحة على وجود نية في التدخل العسكري، والأسوء من ذلك أن صحيفة "جيروزاليم بوست" "الإسرائيلية"، كانت قد فضحت في وقت سابق لقاء تم بين حفتر وقيادات إسرائيلية" أثناء زيارته إلى الأردن. كما قام اللواء بزيارتين سريتين إلى مصر، الدولة السباقة إلى ضرب ليبيا تحت مبرر "مكافحة الارهاب"، حيث حصل على أسلحة وذخيرة. كما أشارت مصادر مطلعة، إلى أنه منح الجيش المصري مهمة إعادة تأهيل وتدريب الجيش الليبي، لاعتقاده أن الدور الذي لعبته مصر في مساعدة ليبيا كان الأكبر بين دول مثل الأردن والسعودية والإمارات، هذه الدول التي مهدت للحرب في ليبيا والتدخل عسكريا، بتمويلها لأطراف ليبية بترسانة من الأسلحة والذخيرة. وأكد متتبعون للوضع، أن كافة المؤشرات تؤكد أن ليبيا ستعيش أزمة حقيقية، بسبب سعي أطراف عربية وأجنبية إلى تدخل عسكري، ما يوضح جليا أن الجزائر تسير عكس التيار، ونجاحها مرهون برغبة الأطراف الليبية نفسها في إنقاذ بلادهم من مخالب الحرب.