هل ستنجو الحكومة من تبعات تطبيق سياسة التقشف وغليان الجبهة الاجتماعية؟! عرفت أسعار النفط انتعاشا كبيرا في الأسواق العالمية، حيث وصلت الى ما يقارب ال 67 دولارا للبرميل، بسبب المخاوف من التطورات الأمنية التي يعرفها كل من العراق الذي تخوض قواته المسلحة معارك طاحنة في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش، وتحتوي على أهم حقول الإنتاج، وكذا تأثير الحرب الذي تخوضها العديد من الدول وعلى رأسها المملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم ضد الحوثيين في اليمن، والمخاوف المتزايدة من تأثير هذا التدخل العسكري على الدول المشاركة في الهجوم وخاصة السعودية الجارة الشمالية التي سقطت على مناطق أقصى جنوبها صواريخ مصدرها اليمن. وبرأي الخبراء فإن الأسعار التي لم تعرف ارتفاعا في بداية نشوب الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، تسير حاليا نحو الارتفاع التدريجي بسبب مخاوف من تأثر الإمدادات العالمية من نفط دول تعتبر الأكثر تصديرا نحو السوق العالمية. وبهذا تكون الأزمات الأمنية والسياسية التي عصفت بمنطقة الشرق الأوسط أكثر فعالية من الجهود التي بذلتها الجزائر، ودول أخرى في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبيك)، خاصة فنزويلا في التأثير على الدول الأخرى لخفض الإنتاج في مسعى لإعادة التوازن مجددا الى الأسعار، غير أن هذا التطور غير مضمون لأن إمدادات النفط في مناطق أخرى من العالم لم تتأثر بأي عوامل سلبية. فالولايات المتحدةالأمريكية يمكن أن تعوض النقص الناجم عن أزمات الشرق الأوسط وبالتالي المحافظة على المستوى المنخفض نسبيا للأسعار، ولكن معظم القراءات تتجه الى أن واشنطن ليست متحمسة لزيادة إمداداتها النفطية نحو السوق العالمية في الظرف الراهن. يضاف هذا إلى عامل رئيسي آخر ساهم في رفع الأسعار التي أدت إلى ارتفاع توقعات نمو الطلب العالمي على النفط خلال عام 2015 صدور إعلان من الحكومة الصينية يتعلق بسلسلة من الإجراءات الجديدة للتحفيزات الاقتصادية. كما أعلنت الصين التي تعد ثاني أكبر بلد مستهلك للنفط في العالم عن تخفيض سعر الفائدة من أجل دفع عجلة النمو الاقتصادي في البلاد، إضافة إلى ذلك أسهم انخفاض سعر الدولار الأمريكي نسبيا في ارتفاع أسعار النفط خلال شهر أفريل. وبقراءة مجمل هذه التطورات المرتبطة بالسوق العالمية للنفط يبدو أن الأسعار لا تزال مرشحة للارتفاع التدريجي، الأمر الذي تنتظره حكومة عبد المالك سلال بفارغ الصبر منذ بداية أزمة انهيار أسعار النفط، فأي زيادة محسوسة ستعطي الطاقم الوزاري الذي تم تعديله منذ أيام نفسا جديدا، خصوصا أن الاستحقاق المالي المرتبط بالأزمة النفطية كان له أثر في تغيير وزيري المالية والطاقة، في مسعى منها لتدارك الأزمة قبل أن تستفحل وتجبرها على اتخاذ مزيد من الإجراءات التقشفية التي من الممكن أن تكون لها آثار سلبية على المستوى الشعبي، فانتعاش الأسعار يجنبها غليان جبهة اجتماعية تراقب أداءها بقلق متزايد من تبني مزيد من سياسة شد الحزام. فهل ستستمر الزيادة في أسعار البترول وتزيد معها فرص الحكومة للخروج كابوس تهاوي البرميل في الأسواق العالمية؟