قايد أحمد اختلف مع بومدين لأنه رفض "البرويكولاج" وسياسة "البريستيج" حقائق مثيرة كشف عنها الوزير والدبلوماسي السابق في الحلقة الثانية من شهادته التي أدلى بها لبرنامج "لقاء خاص" مع الإعلامي أنس جمعة، بثت مساء أول أمس الجمعة، أبرزها كانت عن حياة قايد أحمد الذي اعتبره أفضل وزير مالية في تاريخ الجزائر الذي أنقذ البلاد من أزمة مالية عندما قام بخطوة ذكية تمثلت في شراء كمية كبيرة من الذهب. وروى بوشامة أن بداية علاقته بقايد أحمد المعروف بلقب سي سليمان عندما عمل إلى جانبه، ولفته في شخصيته حاسة اكتشاف الإطارات، حيث دعمه وسانده عندما كان شابا وتميزه بالديمقراطية في الحوار. وبدأت العلاقة بين قايد أحمد والرئيس الراحل هواري بومدين عندما أطلق الأخير المشاريع الكبرى المتمثلة في الثورة الزراعية والصناعية عام 1968، حيث كان يحتاج في هذا المسعى إلى شخصيات ذات وزن ثقيل داخل حزب جبهة التحرير الوطني حتى يمضي قدما في تنفيذ مخططاته، لكن بوشامة أكد أن هذه الاستراتيجية التي تولاها بومدين في تلك الفترة لم تكن ذات فائدة للجزائر، لأنها كانت مبنية على" البريستيج"، وهو ما اكتشفه لدى اطلاعه على الوثائق التي حصل عليها بعد بعد وفاة بومدين بصفته مسؤولا في اللجنة المركزية للحزب، حيث أظهرت أن المصانع لم تحقق ما كانت تطمح له الدولة من إنتاج وتوظيف. وحسب الوزير السابق، فان سي سليمان لم يترك هذا الخلل يمر من دون تنبيه أعلى السلطات في البلاد، فقد قام بإرسال مذكرة إلى مجلس الثورة عام 1972، وهو تاريخ مغادرته المسؤولية، وهي الخطوة التي وصفها بوشامة بالشجاعة في مواجهة محيط بومدين الذي دفعه إلى اتخاذ مثل هذه القرارات، لكنه قلل من مستوى الفساد في ذلك العهد، حيث "كان محدودا ومستترا وليس بالشكل الذي نراه اليوم". هذه الخطوة كانت برأي كمال بوشامة سبب تفجر الخلاف بين قايد أحمد والرئيس بومدين ، اللذان يعرفان بعضهما البعض من زمن عملهما في قيادة الأركان، حيث تميز قايد أحمد بأنه لم يكن يسكت عن الانحراف الحاصل، ويتميز بشخصية قوية لا تتركه يقبل بأي شيء، بما في ذلك انتقاده الثورة الزراعية التي كان فيها خلل كبير، على عكس ما كان يروج لها بطريقة شعبوية آنذاك. هذا الخلاف بين الرجلين أدى حسب رواية بوشامة إلى استقالة قايد أحمد التي تم تبريرها ظاهريا بأنها جاءت بسبب المرض، ليسافر بعدها سي سليمان الى الخارج وينضم إلى المعارضة ضد بومدين، وهي الخطوة التي بررها الدبلوماسي السابق بعدم قدرة قايد أحمد على التعبير بحرية في الجزائر، مستغربا الجدل الذي أثير حول ممارسته المعارضة من بلدين مثل فرنسا والمغرب، نافيا أي دعم يمكن أن يكون سي سليمان تلقاه من البلدين . وحول ملابسات وفاة قايد أحمد، أكد كمال بوشامة أن طبيعة شخصية وحياة هذا الرجل لا يجب أن تجعل وفاته تمر من دون تخمينات ولكن دون الجزم بأنه تعرض إلى عملية اغتيال، وهذه الفرضية التي هي الآن تقع على عاتق التاريخ والباحثين. وروى بوشامة ما أخبره به أستاذ في الطب كان والده صديقا لقايد أحمد، تعشى معه في البيت بالمغرب ليلة الوفاة، حيث تواصلت السهرة الى غاية منتصف الليل، حثه فيها سي سليمان على ضرورة اكتساب العلم عندما كان طالبا في كلية الطب، حيث اعتبر أن المثققين هم نجاة الجزائر، وهم وحدهم من يسمح لها تفادي الكراهية والتسيير العفن . هذه الوفاة عللتها السلطات المغربية بأنها جاءت نتيجة سكتة قلبية تعرض لها قايد أحمد، لتنقل جثة الراحل الى الجزائر عبر محطة وجدة بعد تنقل زوجته المجاهدة وابنه إلى هناك، ويدفن في مقبرة بولاية تيارت شهدت حضورا كبيرا من المناضلين، وكذا إجراءات أمنية مشددة أثرت على عائلة الراحل، قال بوشامة إن من أمر بها كانوا متملقين لبومدين كانوا يزايدون للتقرب منه.