يبدو أن شواطئ البحر لم تعد الوجهة الوحيدة للعائلات الجزائرية أمام الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة، فالعديد منها من تفضل التوجه إلى الغابة ونصب أمتعتها تحت ظلال الأشجار والتمتع بالمناظر الطبيعية واستنشاق هواء نقي، وغابة بوشاوي الوجهة الأكثر اختيارا من قبل العائلات، هذه الغابة التي حافظت على الصدارة في قائمة المساحات الخضراء بالعاصمة، لكونها تتربع على مساحة شاسعة، وتزخر بثروة غابية محمية. وفي هذا الشأن تنقلت "البلاد" إلى هناك لترصد الأجواء البهيجة التي تصنعها العائلات. توجهنا إلى غابة بوشاوي بالعاصمة حيث لفت انتباهنا العدد الهائل للعائلات التي أتت من مختلف الولايات من خلال لوحات ترقيم السيارات، والتي قدمت في جماعات للتنزه والتمتع بمناظرها الخلابة، بالتجوال في أرجائها والجلوس على كراس حول موائد هي عبارة عن مقاطع أشجار في ديكور غابي محض، ومنها من قامت بجلب أفرشة قامت ببسطها على الأرض وتحت ظلال الأشجار، حيث تنبعث روائح أشجار الصنوبر التي تنعش الجو، لتحافظ على لطافته وتحمي من أشعة الشمس اللافحة، وهو الأمر الذي جاء من أجله زوارها للترويح عن النفس بعد ضيق مشاغل الحياة، طلبا للراحة واستنشاق هواء نقي افتقدوه في أحيائهم ومنازلهم، لاسيما مع بلوغ درجات الحرارة مستويات قياسية، كما تعتبر فضاء لممارسة الرياضة ومختلف الهوايات، واللعب والتسلية بالنسبة للأطفال حتى يفرغوا كل ما بداخلهم من طاقة. والشيء الجميل في غابة بوشاوي والذي يزيد المكان بهجة ومرحا هو تواجد الخيول بجميع أحجامها وألوانها البيضاء والبنية والمزركشة والتي أعطت وجها آخر لها، حيث تجذب الجميع هناك بألوانها، تجعل كافة الزوار يداعبونها أو يأخذون صورا معها أو يركونها، لاسيما الأطفال الذين تغمرهم السعادة عند رؤيتها وامتطائها، ويتهاقت أصحاب الأحصنة نحو العائلات لدعوتها لامتطائها. وتختلف تكلفة جولة على ظهر حصان في الغابة لمدة نصف ساعة من شخص لآخر يحددها أصحاب الأحصنة. ولفت انتباهنا حضور الكثير من أبناء الغربة الذين يغتنمون الفرصة لزيارة مختلف مناطق الوطن كما هو حال "لويزة" المقيمة بفرنسا والتي التقتها "البلاد" هناك رفقة أولادها وكنتها الفرنسية، والتي أبدت إعجابها بالمكان والهدوء الذي يميزه، لكنها عبرت عن استيائها من سلوكات بعض المواطنين برمي النفايات على الأرض. مغتربون ولم يختلف رأي "مريامة" التي قدمت من كندا، حيت قالت إنها اعتادت الحضور إلى المكان في كل سنة تأتي قيها إلى الجزائر، خاصة أنها لا تأتي كثيرا بسبب غلاء التذاكر مع العلم أنها أم لثلاثة أطفال، قائلة إن هذه السنة قدمت بخصوص حفل زفاف ابنة أختها واغتنمت الفرصة لزيارة الغابة لما توفره من جو لطيف وتفضل الجو العائلي الذي يزيد من المكان جمالا، ولكنها تأسفت لسلوكيات بعض العائلات التي تترك النفايات وراءها رغم تخصيص حاويات لرمي النفايات، مضيفة أنه لا بد من المحافظة على هذا المكان الجميل والاعتناء به وبالتالي لا بد لكل فرد أن يقوم بتغيير سلوكاته الخاطئة، ونأمل أن يتغير الحال إلى ما هو أحسن. أما سارة فقالت إنها تزور المكان كلما سنحت لها الفرصة رفقة عائلتها خاصة يوم الجمعة، لما توفره الغابة من جو لطيف بعيدا عن الحرّ ولأن كل الظروف ملائمة، كالأمن واحترام العائلات". ونحن نتحدث معها سمع حديثنا صاحب فرس تسمى "سارة" ودعاها إلى ركوبها قائلا لها: "اسمها كاسمك فلما لا تقومين بجولة عليها، فصعدت على متنها مقابل 200 دج. من جهته خالد رب عائلة احضرها للتنزه والترويح عن النفس بعد أسبوع عمل شاق، يطلب من الجهات الوصية تخصيص عمال للنظافة للحفاظ على نظارة الغابة، وأدعو العائلات أن تحترم أماكن رمي النفايات. التقينا أولاد مخيم، عميروش آيت حمودة، الذين أتوا من ولايات بسكرة والأغواط والعاصمة كانوا في قيلولة مستغلين هدوء وسكينة المكان. الدخول إلى الغابة بوشاوي مجاني ويمكنك ان تأخذ معك ما يحلو لك من مأكولات ومشروبات وألعاب أطفال وغيرها ولا يشترطون عليك اقتناء الأكل من الداخل كبعض أماكن الترفيه الأخرى، هذا ما يميزها عن غيرها من الأماكن والتي تقصدها جميع الطبقات الاجتماعية من متوسطة الدخل وثرية وغيرها لأنها لا تكلف كثيرا وتمنحك يوما من الراحة والاستمتاع بالجو اللطيف وتنسيك تعب الحياة، كما تحتوي الغابة على مطاعم على الهواء الطلق ومحلات لبيع مختلف الحاجيات من ألعاب وغيرها، وموقف لركن السيارات مجانا، بالإضافة إلى التواجد الكبير لأصحاب البدلة الخضراء الذين يجوبون المكان مشيا على الأقدام وعلى شكل دوريات وكذا حراس الغابات مما جعل عدد الزوار كبيرا ومتزايدا خاصة قبيل غروب الشمس وأكثر كثافة يوم الجمعة بعد الصلاة.