فتح مجلس المحاسبة من جديد ملف تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، ومن المنتظر أن يفتح ملف قسنطينة عاصمة الثقافة العربية مباشرة بعد الاختتام الرسمي للتظاهرة، وهو الإجراء الذي دفع الوزارة لاتخاذ قرارات مركزية من شأنها منع تسريب أي معلومة خارج أبواب الوزارة. وذكرت مصادر من داخل وزارة الثقافة، أن قضاة من مجلس المحاسبة يتوافدون منذ أسابيع على مبنى الوزارة، حيث تم إعادة فتح ملف تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، رغم مرور خمس سنوات على التظاهرة، غير أن مجلس المحاسبة يرغب في رفع اللبس والكشف عن بعض نقاط الظل التي لا تزال عالقة في الملف الذي أشرفت على تسييره وزيرة الثقافة خليدة تومي، حيث إن مجلس المحاسبة في تقريره التقييمي لسنتي 2011، و2012، سجل العديد من الملاحظات، من بينها قطاع الثقافة، الذي كشف فيه عن ملايير لم تستغل، وديون لم تسدد، وفواتير مضخمة، وصفقات بالتراضي. وبينت تحريات مجلس المحاسبة، التي أوردها في التقرير التقييمي لسنة 2011، أن المناصب المالية الشاغرة في وزارة الثقافة التي لم يتمّ استغلالها والتوظيف فيها رغم التخفيفات التي أُدخلت على إجراءات التوظيف حوالي 1658 منصبا من أصل 10215، بالإضافة إلى التأخر في تجسيد البرامج والمشاريع المسجلة بعنوان ميزانية التجهيز للدولة، ويعود البعض منها إلى أكثر من 10 سنوات، واعتُبرت وزارة الثقافة أسوأ الوزارات في عدم تجسيد مشاريعها رغم الأموال المرصودة لها ب58 مشروعا لم يتم تنفيذه. وبالنسبة إلى الصناديق الخاصة بالوزارة، هناك "الصندوق الوطني للتراث الثقافي" الذي أنشئ سنة 2006 يحتوي على 155.2 مليار سنتيم لم يتم استغلالها. و«الصندوق الوطني لترقية الفنون والآداب وتطويرها" به رصيد حوالي 456.8 مليار سنتيم لم يتم استغلال سوى 19 % فقط منه، مع تسجيل "خروقات" مثل عدم الامتثال للعقود الموقعة مع الناشرين فيما يتعلق بآجال تسليم الكتب وإثبات توزيعها في السوق، بالإضافة إلى تمويل ونشر كتب لم يتم الموافقة عليها من "لجنة القراءة"، ورغم ما أعده من تقارير وتحقيقات فإن مجلس المحاسبة ما يزال يرغب في الكشف عن بعض نقاط الظل التي بقيت عالقة في الملف. ويعتبر قطاع الثقافة، من بين أهم القطاعات التي يحقق فيها مجلس المحاسبة، بالنظر إلى الأموال الكبيرة المرصودة للقطاع، الذي يشرف على العديد من المهرجانات والتظاهرات المحلية والجهوية وحتى الدولية منها، حيث وجه تقرير حديث لمجلس المحاسبة، انتقادات لطريقة تسيير وزارة الثقافة للصفقات المالية المبرمة خلال الفترة ما بين 2006 إلى 2013، فقد أكد تقرير نشرت تفاصيله سابقا في الباب المخصص للحديث عن طريقة التسيير، أن "63 في المائة من صفقات وزارة الثقافة خلال تلك الفترة، لم تحرص على تطبيق القانون"، وذلك بعد أن راجع المجلس "265 صفقة خلال تلك الفترة التي أبرمت بها 41 في المائة من الصفقات بالتراضي، و21 في المائة بالتسوية، و37 في المائة فقط عن طريق المناقصة"، وهو ما "ينافي القانون"، حسب التقرير الذي ورد فيه "إن تنفيذ الصفقات باعتماد عقلية التراضي، يعكس عدم احترام وزارة الثقافة للقانون".