دروس في الكرم والتآخي يقدمها المتظاهرون فى المسيرات البلاد - حليمة هلالي - تمسك الجزائريون للمرة السادسة على التوالى بالمسيرات المليونية التي جابت ربوع الوطن كل جمعة ولم يتغير موقف المتظاهرين الذين أكدوا على رحيل النظام وجميع رموزه وفي كل مرة ضرب الشعب صورة للوحدة الوطنية وغرد نشطاء المواقع الاجتماعية بضرورة تطبيق مبادئ الحراك ومنها المادة السابعة من الدستور التي تنص على أن "الشعب هو مصدر كل السلطة والسيادة ملك للشعب". ولم تختف المظاهر الاجتماعية ففي كل مرة ترسخ المسيرات الوجه المؤلوف للجزائريين من كرم وجود في العطاء والإنسانية. الجمعة السادسة قالها الجزائريون بصوت واحد "يرحلو ڤاع" ولا لبقاء النظام ولا للكارتل الذي سير البلاد منذ أزيد من 20 سنة. وعبر الجزائريون منذ 22 فيفري الماضي عن رفضهم كل وجوه النظام وحتى الحلول التي تمخضت بعد 6 مسيرات.
الجمعة السادسة تطالب بتفعيل "المادة 2019 " أكد امس المتظاهرون في شعاراتهم أنهم يطالبون بتفعيل المادة 2019 المؤرخة في 22 فيفري والواردة في دستور الشعب وليس دستور بوتفليقة. ومنذ ليلة امس كانت وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام مجندة لطرح آراء الجزائريين حيث تم تداول المسيرة منذ انطلاقها صبيحة الجمعة إذ تداولت احتشد آلاف من الجزائريين في التجمع بساحة البريد المركزي وسط العاصمة، رافعين شعار رحيل رموز النظام وبناء جمهورية جديدة. وحمل المتظاهرون هذه المرة شعار رفضهم تطبيق المادة 102 من الدستور التي تنص على شغور منصب رئيس الجمهورية واستخلافه برئيس مجلس الأمة. فمنذ أن اقترح الفريق أحمد ڤايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، تطبيق المادة 102 من الدستور، لم يقتنع الجزائريون بهذا القرار فتضاعفت الدعوات إلى المظاهرات على الشبكات الاجتماعية وفي وسائل الإعلام، والتي أطلقها نشطاء وشخصيات وأحزاب سياسية ونقابيون، ليخرج الجزائريون الجمعة في مسيرات حاشدة للمطالبة بتطبيق المادة 7 من الدستور التي تنص على أن "الشعب هو مصدر كل السلطات" والسيادة ملك للشعب. ورفع آخرون شعار تطبيق المادة 2019 "يتنحاو ڤاع" في ردهم على دعوة الفريق ڤايد صالح تطبيق المادة 102. كتب أحد المتظاهرين "الرقم الذي طلبته (102) لم يعد في الخدمة"..
"الجيش الشعب خاوا خاوا" رفع العديد من المتظاهرين شعارات متعددة لعل أهمها "الجيش، الشعب خاوا خاوا" خاصة أن الجيش الوطنى الشعبي أكد دعمه للحراك الشعبي ودعا للمحافظة على المتظاهرين وأشاد بسلمية المسيرات في كل خطابات الفريق ڤايد صالح، في الوقت الذي أكد فيه الجزائريون أن الجيش وعناصره ما هو إلا فرد من أفراد هذا الشعب وعلينا المحافظة عليه ودعمه. وشارك في الحراك الشعبي معطوبو الجيش الذين دخلوا العاصمة بعد سنوات من المنع إذ حضروا بالزي العسكري ورددوا شعار "وطني وطني غالي الثمن"، وتحولت هتافات المتظاهرين من "جيبو البياري وزيدو الصاعيقة" إلى" نحي الكسكيطا وارواح معنا". وأبدع الجزائريون في هتافاتهم وشعارتهم التي ساهمت في تغيير الأحداث السياسية منذ 22 فيفري إلى غاية يومنا هذا.
الزلابية، المياه والطعام مجانا للمتظاهرين شهدت جميع المسيرات بما فيها المسيرة السادسة مظاهر راقية على غرار توزيع الطعام مع اللبن من طرف العائلات وتوزيع التمر والحلويات، والبعض جلب الزلابية ووزعها على المتظاهرين خاصة أن أغلبهم قدموا من مختلف الولايات. كما قام بعض التجار بجلب قارورات المياه وتوزيعها في المسيرة وهذا اقتداء بالقيم الإسلامية التي تؤكد أن صدقة المياه هي من أعظم الصدقات، واستحسن المتظاهرون هذه المبادرة التي لا يقوم بها إلا الجزائريون الذين يقدمون في كل مرة درسا في الكرم والشهامة. وشارك في مسيرة امس ايضا مواطنون فضلوا لبس الزي التقليدي بما فيه الحايك والجبة القبائلية، ولعل اللون الذي برز على شاشات التلفزيون هو العلم الوطني الذي التحفه اغلب الجزائريين ووضعوه آخرون على أكتافهم.
الفيسبوكيون يبثون المسيرات منذ انطلاقها أصبح الفيسبوك الإعلام البديل للجزائريين. فعلاوة على القنوات التي تنقل على المباشر على غرار قناة "البلاد"، تداول نشطاء التواصل الاجتماعي اغلب البث المباشر التي سبقت إليه صفحة الفيسبوك الخاصة بجريدة البلاد وتداول الفيسبوكيون شعارات خاصة بهذه الجمعة وهي تفعيل المادة 7 ومبادئ الحراك التي تنادى برحيل النظام وتغيرت شعارات الجمعة السادسة على ما كانت عليه الجمعات الماضية إذ قلت مظاهر السخرية وبدأت تتجه نحو الجدية ومطالب حقيقية. كما غاب عن مسيرة امس الفوفوزيلا التي رفضها المتظاهرون لأن صوتها يشوش على هتافاتهم.