يعود البرلماني السابق عن حركة النهضة عدة فلاحي، في هذا الحوار، إلى واقع التيار الإسلامي ويرفض أن يوضع التيار الإسلامي وحده في خانة التشتت، ويبدي حماسا لتحقيق انتصار كبير للإسلاميين في التشريعيات، خصوصا بعد مبادرة التحالف الإسلامي التي أكد دعمه لها· كوجه إسلامي فاعل في الحياة السياسية والثقافية، كيف تشخص لنا وضعية التيار الإسلامي الموصوف ب”المتشتت”؟ فلاحي: أرفض أن يطلق مصطلح ”التشرذم” على الإسلاميين، مرحلة التشرذم، لا تعني الإسلاميين فقط، بل نلمسها لدى المدارس الأخرى الوطنية والعلمانية بكل أطيافها· ففي اعتقادي لا يمكن أن نسوق مصطلح التشرذم على الإسلاميين، كأنه أريد بذلك التقليل من شأنهم أمام المجتمع، فهذا التشخيص يمكن أن نتعامل معه بواقعية وجرأة ونعترف بهذه الحالة لنجد لها العلاج ونتعامل معها بكثير من الحكمة والصبر· فالإسلاميون قبل دخولهم المعترك السياسي كانوا وحدة واحدة في خدمة الإسلام عقيدة وشريعة ولكن إكراهات الواقع خلال حكم الحزب الواحد، والتضييق على النشاط ترك المجموعة الإسلامية تغرق في المثالية، ولما انتقلت إلى مرحلة أخرى من التعددية اصطدمت بتجربة جديدة ولم تكن لها الفرصة لتتعامل معه ويجد له الحلول· كذلك النظام القائم ساهم في دفع التيار الإسلامي إلى أن يصطدم مع بعضه البعض انطلاقا من قاعدة ”فرق تسد”، واستمر هذا الاختلاف الذي وصل إلى الاصطدام أحيانا سرعان ما بدأ في التلاشي خاصة لما أدرك أبناء التيار الإسلامي أنهم ضيعوا الشيء الكثير، بسبب الخصومات والحسابات السياسية الضيقة وفي ظل هذا المشهد بدأنا نتفاءل خيرا بظهور ما سمي ب”التحالف الإسلامي”·
هناك اعتقاد أن محاولات الإسلاميين للتحالف سيكون مصيرها الفشل، وهنالك من يئس منها؟
فلاحي: في البداية وجب التأكيد، أن المسلم لا يصاب باليأس، مثلما عبر عليه أحد الإسلاميين· ثانيا، لا بد أن نتفاءل ونتجند ونسعى إلى نظرة إستراتيجية وليس تكتيكية لإنجاح مشروع التحالف الإسلامي، على الأقل لا يمكن أن نقول إن فشل التجارب السابقة سيثني المخلصين من أبناء التيار الإسلامي الذي لا يتوقف عليه في مرحلة الاستحقاقات، ولكن التحالف الذي يؤسس لعمل على المستوى البعيد قائم على أسس صلبة بعدية عن الثقافة النفعية، وهو ما يتطلب كثيرا من الجرد والتنازل· ويكفي فخرا أن التحالف الإسلامي خاض ولأول مرة تجربة التنازل والتنازل المتبادل، وما ذلك إلا لتحقيق المصلحة العامة للدين والوطن· أين أنت من هذا التحالف الإسلامي؟ فلاحي: أعتبر نفسي مناضلا مؤمنا بالمشروع الإسلامي ككل، وإجرائيا وتنظيميا أتحرك في دائرة التحالف الإسلامي، الذي يجمع بين إخواني في حركة الإصلاح بزعامة حملاوي عكوشي، والنهضة برئاسة الأخ فاتح ربيعي، والأخ أبو جرة سلطاني زعيم حمس· وفي ظل هذا المشروع أضع نفسي خادما ومدعما بكل الطرق والوسائل في مستوى هذا التحدي· رفع الإسلاميون سقف طموحاتهم عاليا بعد النجاحات المحققة في بعض الدول، هل يمكن أن يتكرر ذلك في الجزائر؟ فلاحي: التحولات إن كانت على المستوى العالمي والعربي والإسلامي، لها تداعيات على محيطنا الوطني، وهو أمر طبيعي، والكل يعلم أنه لما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران، كيف أن ذلك أحدث نوعا من الانتعاش لدى التيار الإسلامي وبدأت عجلة الإسلاميين تتحرك، وبالتالي لا يمكن أن نقول إن ما جرى في الجوار ليس بالمؤثر على الجزائر· انتصار الإسلاميين في مصر تونس والمغرب، أعطى نوعا من الانتعاش لدى التيار الإسلامي الذي زاد من طموحاته ومن أمله في أن يحقق الفوز في تشريعيات العاشر ماي· من جهة أخرى الخطاب الإسلامي في معركته مع المدارس الآخرى، عليه أن يبدي ثقة في فوزه لأنه وليد المجتمع الجزائري وفي كل الحالات الحذر من التفاؤل المفرط لأن أعداء المشروع الإسلامي لا يزالون متحكمين في بعض المراكز الحساسة لأنهم في أي وقت قد يخلطون الحسابات· يتهم التيار الإسلامي بالعمالة لأمريكا وتلقي العطايا المالية من قطر ومحاولة أسلمة الدولة، لماذا؟ فلاحي: هذا يدخل في العداوة للإسلام، فهناك جهات خفية تحرك الوجوه السياسية والثقافية في المجتمع للتشكيك في الذمم المالية للإسلاميين وبالتواطؤ مع أمريكا لنقل النموذج الإسلامي التركي إلى الجزائر، وبتلقي عطايا مالية من قطر، وكل هذا لا يستند إلى أي أدلة يمكن الاعتماد عليها· يبدو أن التيار الاستئصالي المعادي للتيار الإسلامي يدرك أو أدرك أنه أكثر بعدا عن المجتمع الجزائري، بعدما فشله في إقناع المجتمع الجزائري بمشروعه لم يجد من وسيلة أخرى سوى التخويف والتشهير بالإسلاميين·