الإنجليز بارعون في اصطناع المشكلات التي لا حل لها.. والفرنسيون خبثاء بالفطرة.. وكلاهما يحوز أسوأ تاريخ استعماري معروف.. وسبق أن تقاتلا معا مائة سنة.. لكنهما تصالحا الآن على حساب النشيد الوطني الجزائري. نحن ذهبنا إلى لندن لنلعب.. وهم شتمونا بطريقتهم الخاصة.. وهذه عادة الإنجليز في الترحيب بضيوفهم غير المرحب بهم.. أتساءل: ماذا يكون الموقف.. لوكنا نحن من فعل هذا؟ فقلنا لهم على سبيل المثال إن ملكتكم سيئة.. ولا تساوي شيئا.. وشعبكم سافل.. ولا يستحق أي احترام.. هل سيتركوننا نلعب في الأولمبياد.. أم إنهم سيعيدوننا إلى الجزائر حالا.. هذا إن لم يبادروا بمحاكمتنا.. كما يحاكمون أسانج!!؟ أشك أن تكون «خرجة» جريدة الديلي تيليغراف بريئة.. لأن الإنجليز غير موصولين عاطفيا بالشعر العربي.. وليست لديهم اهتمامات ذوقية.. بسبب دمهم البارد.. وجفافهم الإنساني. فمن أين لهم يا ترى.. تقييم النشيد الوطني.. وتصنيفه في قائمة أسوأ نشيدين في العالم.. إلى جانب النشيد العراقي؟! الجريدة تقول إن نشيدنا الوطني عدائي.. لأنه يهدد فرنسا باستمرار.. ولأن رائحة البارود تنبعث منه.. وتخترقه أصوات الرشاشات.. والخلاصة أنهم يريدون القول.. إن نشيدكم عنصري.. وأنتم إرهابيون!! وأرجح أن تكون للفرنسيين يد في الموضوع.. لأن فرنسا لا تستسيغ أن يقال لها في كل مرة.. تعلمي الدرس.. فقد حل يوم الحساب.. وقد سبق لها أن طلبت من الجزائريين حذف المقطع الذي يتناولها.. فلم يفعل الجزائريون ذلك. ما لا تدركه هذه الصحيفة.. ومن يقف وراءها.. أن هذا النشيد جزء من تاريخنا الملحمي.. كتب في السجن بدم صاحبه.. وهو رمز وطني كبير.. ولا يزال مضمونه حيا.. مادامت فرنسا تمجد تاريخها الاستعماري.. وترفض الاعتراف بجرائمها المرتكبة في حقنا.. أوالاعتذار لنا عن موبقاتها .. وبالمعنى التاريخي.. قضيتنا مع فرنسا لا تزال قائمة.. ونحن نريد من فرنسا أن تتعلم الدرس ولو بأسلوب التكرار.. بمعنى تعلم الدرس يا غبي. في سياق ما أثارته هذه الصحيفة.. قفز إلى ذهني ما وقع قبل سنوات قليلة.. حين اكتشف أن المقطع الذي تتحفظ عليه فرنسا.. قد حذف من نص النشيد الوطني الذي تضمنه كتاب مدرسي جزائري. يومها أشار البعض إلى هذه الفضيحة.. باعتبارها فعلا مدبرا.. وليست خطأ مطبعيا .. وإلى نشاط اللوبي الفرنسي في الجزائر الذي تسلل إلى كتبنا.. وعبث بها.. وبطريقة ما طوي الملف.. على غرار ملفات مماثلة مطوية.. يقف وراءها خائنون وسماسرة استعماريون .. يخدمون فرنسا مجانا. الآن.. وقد أهنا في الأولمبياد على المباشر.. لماذا لا يبادر مسؤولونا إلى طلب الاعتذار من الفاعلين في الصحيفة.. وطلب التوضيح من السفير البريطاني.. وفي حالة عدم الرد يأمرون الوفد الجزائري بترك الألعاب والعودة حالا إلى الجزائر.. وفي كل الأحوال.. لن نخسر شيئا.. ولو بحجم ميدالية برونزية. إذا كان صحيحا أن نشيدنا سيء.. كما يرى الإنجليز.. فالسؤال: وماذا نفعل نحن عند الإنجليز؟