بأي لغة أكلمك و أنت تفهم كل لغات العالم و تنطق بها؟ و أي خطاب أوجهه لك وأنت الخطيب الصادق الصريح؟ إني أقف حائرا على عتبة السنين، أراقب سنة تمضي وأترقب أخرى تأتي ، و لا ادري بين هاته، وتلك أي سبيل أهتدي إليه لأعبر لك عن شعوري و مشاعري. فهل سأزف إليك التبريكات بالسنة القادمة أم أوجه لك التعازي على رحيل القديمة؟ أيها الثائر لحقوق المستضعفين الذي لا يخاف لومة اللوامين و لا يخشى بطش المتجبرين، ما عساي أن أقوله لك و أنت كما أنت رغم تعاقب السنين؟ هل سأعزف لك ألحان الشجن على مرور سنة أخذت معها ما أخذت من آلام و محن، أم سأقرع لك طبول معركة جديدة لحرب قديمة أعلنتها على الاستبداد و المستبدين . حرب جنودها ممثلون و سلاحها كتاب و مبدعون و ساحاتها مسارح، كانت دائما و ستبقى على مدار الزمن الحرب الفنية لخدمة الإنسانية. كل هذه السنين التي تعرفت عليك فيها و سايرتها معك مرارتها كانت أحلى من العسل، و عثراتها كانت أثبت من الاستقامة و آلامها كانت ألذ من الارتياح ، لأنني كنت برفقة من لا يعرف الفشل و الارتقاء عنده لا يغادر السقوط. أنت و أنا لم نتطور، لأنني إنسان من روح و تراب و أنت مسرح بروح و جسد ، نحن على هذه الحال منذ أن خلق الإنسان و أنشأ المسرح ، و لكن ما حولنا تطور بفضلنا ، فكم عالجنا أنت و أنا من ظواهر سلبية منذ عهد الإغريق و الأساطير الأولى؟ و كم ساهمنا في رقي مجتمعات و تثقيف شعوب عبر آلاف السنين؟ و في كل سنة تمر علينا تزداد الجماهير التحاما و ارتباطا بنا، لأننا فن و فنان يتحدثان بلسان الجماهير و ما يختلج في صدروها. كل سنة تمر علينا نزيد شموخا و رسوخا في عقول و قلوب الجماهير، لأننا فرسان التعبير الصادق و المؤثر في الشعوب و سنبقى كذلك بالرغم من ظهور أدوات تعبير أخرى كالسينما و الإذاعة و التلفزيون. و لأن الإنسانية أصبحت اليوم أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلينا بعد أن تطور ما يدور حولها و تفاقمت مشاكلها و تشعبت همومها، و نال منها ضياع القيم والأخلاق والمعاملة الإنسانية . فإن هذه السنة الجديدة ستكون أكثر حبا لبعضنا البعض ، و أكثر انتشارا للإبداع و الجمال ، و أكثر صدقا و صداقة في عالم يتكلم بلسان مسرح واحد موحد. دمتم محبين للمسرح ، و كل سنة و المسرح و الفنان بخير من أجل أن يكون الجمهور بمليون ألف خير.