الانتخابات الرئاسية التي ستجري يوم 18أفريل القادم لن تكون عادية ولا سهلة بالنسبة لجميع الجزائريين نظرا لما تتميز به من أحداث وردود أفعال شعبية ورسمية منذ استدعاء رئيس الجمهورية للهيئة الناخبة فقد تحرك الشعب بشكل غير مسبوق ليعبر عن رأيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي وينتظم عبرها فيخرج إلى الشوارع في مسيرات سلمية أيقظت النائمين من سباتهم وأبهرت المشاهدين وأخرست المتشككين في قدرات هذا الشعب على ممارسة الديمقراطية والتعبير عن الرأي والتظاهر بشكل حضاري لم يرق إليه أصحاب السترات الصفراء في فرنسا ودول أوربية أخرى ليؤكد للعالم المتقدم والمتخلف أن الشعب الجزائري صانع ثورة أول نوفمبر54 العظيمة قادر على الحركة الايجابية والنشاط المبدع وتحقيق السبق إذا وجد من يقوده وستدخل مسيرات 22 فبراير وفاتح مارس 2019 تاريخ الجزائر بقوة لتكون معلما هاما ومنارة تضيء لنا طريق المستقبل وتخرجنا من عتمة العشرية السوداء لقد صنع شبابنا من مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك والتويتر) منصة للحرية ورشة للتكوين السياسي بعد أن كانت ملهى لضياع الوقت والدردشة والخربشة وأعطوا لهذه الانتخابات الرئاسية نكهة خاصة وبعثوا في المواطنين دماء جديدة وأخرجوهم من السلبية والجمود والجلوس المقاهي والأرصفة والاتكاء على الجدران وكانت البداية مع المتهافتين على وزارة الداخلية لسحب استمارات الترشح الذين وصل عددهم إلى حوالي 200 فالتقط شباب الفيسبوك صورتهم وتصريحاتهم وتناولوها بالتعليقات الساخرة والجارحة وتبادلوها فيما بينهم وأرغموا العديد من المترشحين المفترضين الأشبه بالحمقى والمجانين المفتقدين لأدنى الشروط على الاختباء و الاختفاء عن الأنظار و ازداد فيه الاهتمام بهذه الانتخابات وما يمكن أن تسفر عنه والظروف التي ستجري فيها والوجوه التي ستخوضها والحديث عن المشاركة الشعبية فيها والمقاطعة والشفافية والنزاهة والتزوير والعهدة الخامسة هل تكون أو لا تكون وموقف المعارضة والأحزاب المشاركة والأحزاب المقاطعة فقد تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة للنقاش السياسي الواسع مما أوحى بوجود عزوف انتخابي كبير خاصة لدى الشباب وعلق البعض في سخرية وتهكم أنه يجب غلق أبواب المنازل على العجائز لمنعهم من الذهاب إلى صناديق الانتخاب فاحتمال انخفاض نسبة المشاركة كان واردا بناء على الانتخابات السابقة وعلى آراء الشباب في الفضاء الأزرق (الفيسبوك ) لكن سرعان جاء التحول في الرأي العام وبشكل مفاجئ بالدعوة إلى مسيرات سلمية للاعتراض على العهدة الخامسة والمطالبة بالتغيير الديمقراطي السلمي . وهكذا جاءت الفكرة لتنتقل بين صفحات الفيسبوك بسرعة محدثة حركة واسعة دون أن يعرف صاحبها ولم تكن فكرة مجردة فقد صحبتها خطة التنفيذ المرسومة بإحكام وإتقان تحتوي على موعد وقت الخروج بعد انتهاء صلاة الجمعة يوم 22 فبراير بشعارات موحدة برفع العلم الوطني والابتعاد عن كل المظاهر المفرقة فلا شعارات جهوية ولا حزبية ولا دينية حيث تم صهر الجميع في بوتقة واحدة وكان الخروج موفقا وسقط حاجز الخوف وانطلق الحناجر تهتف مرددة نشيد الوطن المنبعث من أعماق شعب يريد أن ينهض. وهكذا نجحت شباب الفيسبوك في توحيد صفوف الشعب متفوقة على الأحزاب والجبهات ومتجاوزة لها في التنظيم والتعبئة باستعمال وسائل الاتصال المتطورة من أجهزة كمبيوتر وهواتف ذكية وذلك بنشر صور حية عن تحرك الجماهير في مسيرات حاشدة ولأن النجاح يجلب يجلب بعضه بعضا فقد أعاد شباب مواقع التواصل الاجتماعي الكرة فدعوا إلى مسيرات مليونية في مختلف ولايات الوطن أمس الأول الجمعة وكانت أكبر من سابقاتها ولم ينجح المعارضون لها في التأثير عليها ويبدو أن الحملة الانتخابية هذه السنة ستكون الكترونية فمن يتحكم في استغلال وسائط التواصل الاجتماعي ينتصر بعد أن أخفقت الوسائل التقليدية في أول امتحان لها فلم تتفاعل مع المسيرات الأولى خوفا وطمعا