اختتمت الأربعاء الماضي ندوات المعرض الوطني للكتاب بوهران بتكريم ثلة هامة من أدباء وشعراء المدينة الذين أثروا المشهد الفكري الجزائري،وأسهموا بجدية في تغذية شجرة الإبداع الأدبي فيه،ويتعلق الأمر بكل من الشاعرة "أم سهام " التي كرمتها المجاهدة " بريكسي خديجة " والشاعر" محمد سحابة " الذي كرمه الشاعر" حرز الله بوزيد " المكلف بالبرنامج الثقافي للمعرض،في حين حظي الأديب الراحل " بلقاسم بن عبد الله "بوقفة تكريمية هامة جاءت في أجواء مفعمة بالمشاعر الجميلة والقلوب المشتاقة لهذه القامة الأدبية الباسقة بحضور ابنه "عادل" الذي تأثر كثيرا بهذه المبادرة القيمة التي أثلجت صدور المبدعين والمبدعات على غرار الشاعر ناصر اسطمبول،بن زيان محمد، زهرة برياح ،السيدة "نسيمة "رئيسة جمعية انتصاف وغيرهم من الشعراء والشاعرات،يأتي هذا في الوقت الذي اغتنم فيه صاحب دار " القدس " للنشر بوهران الفرصة ليهدي الحضور باقة منوعة من الإصدارات الجديدة في شتى المجالات. رحلة عبر المدن الجزائرية أما فيما يخص المداخلات التي شهدها حفل الاختتام بالمعرض،فكانت المداخلة الأبرز للشاعرة " أم سهام " التي قدمت ورقة عن المدن الجزائرية التي خصصت لها ديوان شعري جميل تبرز فيه علاقتها الوطيدة بها سواء كانت الجسدية أو الروحية، حيث أماطت اللثام عن مميزات هذه الأخيرة وزخمها الثقافي والاجتماعي،كما تحدثت عن شوارعها و أزقتها وفنادقها،ومقاهيها التي تولد منها الأشياء الجميلة،حيث قالت إن مشروعها الإبداعي في البداية لم يتجاوز المدن التي تربطها بها علاقات جسدية بحكم إقامتها بها،لكنها فيما بعد قررت التحدث عن الأماكن التي ارتبطت بها عاطفيا رغم أنها لم تقم بها على غرار بيروت،الاسكندرية،بغداد،وباريس،مضيفة في مداخلتها أن رحلتها الممتعة بدأت مع مدينة " وجدة " المغربية مسقط رأسها،ثم مدينة " بشار" التي حضرت فيها شهادتها الجامعية قبل سنة 1973،والتي حظيت فيها بتكريم عام 2009 في أمسية شعرية بدار الثقافة،لترحل بالحضور بعدها إلى عاصمة الغرب الجزائري "وهران"التي فجرت ينابيع البوح في صدرها و أخرجت ما يختلجها من مشاعر وأحاسيس جياشة ،أما " ندرومة " موطن والدها ووالدتها التي وصفتها بالمدينة العريقة المعروفة بصناعة القول والفخار،فهي المنطقة التي كرمتها عام 2009 على يد جمعية " الموحدية " في إطار الاحتفال بشهر التراث،حيث قدمت حينها قصيدة بعنوان " ترنيمات على بوابة ندرومة "،هذا إضافة غلى مدينة الجسور المعلقة " قسنطينة " . مسيرة عبقة في عالم الأدب و الصحافة من جهة أخرى قدمت الشاعرة " أم سهام " ورقة عن الأديب الراحل " بلقاسم بن عبد الله "،وهي عبارة عن شهادة حية عرضت فيها المحطات الأدبية والإعلامية التي جمعتها بالفقيد الذي وصفته بالمدرسة التي كونت أجيالا و أدباء،حيث قالت أن أولى محطاتها معه كانت في " النادي الأدبي " بجريدة الجمهورية ،وذلك في أعقاب الحملة الشرسة التي شنت ضد الشاعر" نزار قباني" إثر زيارته لوهران من قبل الشاعر المغربي " حسن لمراني " بقصيدة "رفضناك يا بائع الكلمات " و التي نشرت في 19 أفريل 1979على صفحات النادي،وأيضا من قبل الدكتور العراقي " هادي حسن حمودي " الذي كان يعمل في جامعة وهران حينها وذلك بمقالة نقدية مليئة بالشتائم بعنوان " هواميش على دفتر نزار قباني "،وحرصا من الراحل "بن عبد الله " على الرأي الثاني – تقول أم سهام – ورغبة منه في الرد على هذه المقالات التهجمية والناقدة ، نصحه ابن عمه الدكتور " لخضر بن عبد الله " الذي كان يدرس معها بالجامعة بالاتصال بها حتى تكتب معه في النادي وترد على هذه التهجمات غير المبررة – على حد تعبيرها-،وبالفعل كتبت الشاعرة ،مقالتين الأولى بعنوان" نزار بين الخصوم والمحبة "،والثانية وسمتها ب " دواليب الهوى ورياح نزار قباني"،أما المحطة الثانية فكانت البرنامج الإذاعي " دنيا الأدب " الذي كان ينشطه الفقيد من العاصمة ثم انتقل بثه من وهران،حيث شاركت فيه لمدة ثلاث سنوات،وهو برنامج يبعث روائع الأدباء ويقدم أجمل المساهمات في الشعر وغيرها من الأجناس الإبداعية الأخرى،كما كان ينظم المسابقات ويجدد في طريقة التقديم ويفتح النقاشات حول القضايا الهامة والانشغالات الراهنة،إلى غاية إيقاف البرنامج بقرار إداري أوقفت معه كل البرامج الإذاعية في صائفة 1987،وعن المحطة الثالثة - تقول أم سهام - إنها تتعلق باتحاد الكتاب الجزائريين،والتي اعتبرتها أروع ما حدث لهم خصوصا بعد حصولهم على مقر بشارع " العربي بن مهيدي"،مما مكنهم من تنظيم نشاطات وملتقيات وأمسيات شعرية ومعارض فنية،أما المحطة الرابعة فهي العمل المشترك في مؤسسة " مفدي زكرياء" ،حيث كان المرحوم عضوا في الأمانة الوطنية،وتقلدت" أم سهام "حينها رئاسة فرع ولاية وهران،لتمنح بعدها العضوية هي الأخرى في الأمانة التي كان من ثمارها تقديم عدد كبير من المحاضرات وإصدار مؤلف ضخم حول الشاعر الجزائري " مفدي زكرياء" .