أكّد تقرير في موقع قناة "تي آر تي عربي" الحكومية التركية أن اتفاقية الملاحة البحرية التي صادق عليها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، تشكل خطوة جديدة لتعميق التعاون بين تركياوالجزائر. وقال التقرير إنه في إطار حرصها على تعزيز العلاقات مع البلدان الإفريقية، والتي شهدت زخماً كبيراً منذ إعلان تركيا كشريك استراتيجي للقارة من قبل الاتحاد الإفريقي سنة 2008، طورت أنقرة من مستوى علاقاتها السياسية والتجارية مع الجزائر. وبحسب التقرير، تحاول الجزائر عقب الإطاحة بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، استعادة دورها الإقليمي في المنطقة بعد أن غُيبت مكانتها الجيوسياسية لفترة طويلة من الزمن. وفي هذا الإطار لعبت دوراً مهماً في دعم مبادرات التهدئة والحوار لدى الجارة الشقيقة ليبيا، وعززت أواصر التعاون مع تونس. كما انفتحت على شراكات إقليمية جديدة، بعد أن كانت فرنسا الشريك الأول والمحدد الرئيس لسياسات الجزائر، رغم ما سببته لها من خسائر وجرائم حرب في حرب استقلالها. وكان من بين هذه الشراكات التي شهدت نمواً كبيراً في الفترة الأخيرة، العلاقات الثنائية بين أنقرةوالجزائر، رغم محاولات التشويش وإثارة التوتر عليها من بعض الدول والجهات، واستهدافها إعلامياً. مثلت أحداث المواجهات والتوترات الأخيرة في ليبيا، وتولى عبد المجيد تبون رئاسة الجزائر عقب احتجاجات أطاحت بحكم بوتفليقة، انعطافة تاريخية في شكل العلاقات التي تجمع بين تركياوالجزائر. حيث قدمت الأخيرة الدعم لحكومة الوفاق الوطنية المعترف بها دولياً والتي تتلقى الدعم من تركيا، ودفعت في اتجاه إيجاد حلول سياسية في ليبيا، رافق ذلك تصريحات عديدة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يعلن فيها بأن طرابلس خط أحمر، ليؤكد عن إدانته للهجمات التي يقودها حفتر بدعم من قوى إقليمية. وانطلاقاً من موقعها الجغرافي الذي يكفل لها دوراً إقليمياً مهماً، وتاريخها وإرثها الثقافي الذي يجمعها بتركيا، كانت الجزائر من بين دول المنطقة القريبة التي حرصت تركيا على توطيد سبل التعاون والشراكة معها، وباتت هذه السياسة أكثر وضوحاً في الفترة الأخيرة، وفي المقابل تسعى الجزائر كذلك لتعميق هذا الشراكة. وقال حول ذلك السفير الجزائري مراد عجابي إن "البلدين يعملان على تثمين إرثهما الثقافي المشترك، مثل ترميم بعض المعالم التاريخية التي تعود إلى الحقبة العثمانية، وأنه أمامهما فرصة تاريخية لترقية العلاقات كنموذج يحتذى في ظل الإرادة السياسية لقيادتي بلدين يحتلان مكانة مهمة في العالم الإسلامي". فباتت الزيارات الدبلوماسية والتصريحات الرسمية تكشف عن خطوات جادة لتشكيل تحالف قوي في المنطقة، وذلك من خلال تنسيق أنشطة البلدين في شرق البحر الأبيض المتوسط وليبيا والمشرق الجيوسياسي. ففي سياق متصل قال سفير الجزائر في أنقرة في تعليقه على شكل العلاقة التي تربط البلدين: "العلاقات الجزائرية التركية رائعة والفرص كبيرة وإرادتنا أيضاً كبيرة، وإن شاء الله سننجز معاً أعمالاً كبيرة بطريقة مفيدة وقوية أكثر في الفترة المقبلة". ..تقارب اقتصادي تركي-جزائري في تقرير نشرته صحيفة لوبوان الفرنسية أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن العلاقة مع تركيا تعتبر علاقة ممتازة وقال إنه ودون أي شروط سياسية، استثمر الأتراك 5 مليارات دولار في الجزائر. وبالنسبة لأولئك الذين أزعجتهم هذه العلاقة، فليأتوا إلى الجزائر ويستثمروا أيضاً". وتسعى الجزائر لتخطي الأزمات التي تمر بها وتحقيق النمو الاقتصادي، لذلك تبدو تركيا شريكاً استراتيجياً بعد أن بات النموذج الاقتصادي التركي جاذباً في المنطقة. ووفق بيانات رسمية، فاق حجم التبادل بين كل من الجزائروتركيا 4 مليارات دولار في سنة 2020 . وحسب بيان لوكالة الاستثمارات الحكومية الجزائرية، فإنه تنشط أكثر من 800 شركة تركية في الجزائر في عدة قطاعات. وقدرت نسبة الاستثمار التركي في الجزائر بقيمة 4.5 مليارات دولار ما تمكن من توفير وظائف بالجزائر، لتصبح بذلك تركيا الدولة الثانية في لائحة الشركاء التجاريين للجزائر. من جانبها وسعت تركيا استيرادها للغاز من الجزائر، حيث جددت الجزائر عقود توريد الغاز الطبيعي المسال لتركيا، عبر شريكها "بوتاش" حتى سنة 2024، بكميات سنوية تقدر ب5.4 مليار متر مكعب. ورغم تعثر توقيعها منذ 1998، صادق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على اتفاقية الملاحة البحرية مع تركيا الذي ينص على أن "الطرفين يعملان على تشجيع مشاركة سفن الجزائروتركيا في نقل الركاب والبضائع بين البلدين، وعدم عرقلة السفن الحاملة لراية الطرف المتعاقد الآخر، من القيام بنقل البضائع بين موانئ بلدي الطرفين المتعاقدين وبين موانئ بلدان أخرى". ليكون بذلك هذا الاتفاق خطوة جديدة في سبيل مزيد من تعميق التعاون بين البلدين، رغم تحديات عدم الاستقرار الإقليمي ورغم تهديدات الجهات الدولية الفاعلية في محاولة توتير العلاقة الاستراتيجية بين البلدين.