الحلقة 31 أبو العباس برحايل وعرفنا أن مشتانا له مسئول منا تعينه اللجنة الشعبة للقسمة يتولى كل الشؤون ويساعده كاتب؛ فهو يجمع الاشتراكات التي كانت مئتي فرنك قديم على كل راشد من الذكورومئتي فرنك قديم على كل قداش فتى أو فتاة؛ ويتولى التبليغ باجتماعات التوعية؛ ويتولى الإشراف على مسئول العسة .. ويتولى المسك بقائمات التسخيرالخاصة بالنقل على البغال والاحتطاب للمراكزومسك دفاترالحالة المدنية وفك المشكلات الصغيرة التي تحدث بين أفراد المشتى، ودفع أجر الطالب الذي تحدد ب4000 فرنكا قديما … وعرفنا أن المشتى ينتمي إلى القسمة الثانية التي نصبت فيها لجنة شعبية دائمة؛ ونحن نسميها بلهجتنا المحلية الوجنة والعضو فيها نسميه الوجني؛ ورئيس اللجنة له نفوذ شيخ البلدية؛ وفي القسمة مسئولون؛ فهناك المسئول السياسي؛ وهناك المساعد وهناك الممون؛ وهناك الإخباري؛وهناك القاضي؛ وقسمتنا تنتمي إلى الناحية الرابعة؛ وهي ما يشبه دائرة إدارية اليوم.. التي تنتمي بدورها إلى المنطقة الأولى التي تنتمي بدورها إلى الولاية الأولى.. تحت هذا النظام التراتبي الدقيق والصارم: مشتى؛ قسمة؛ ناحية؛ منطقة؛ ولاية ..كنا نحيا حياتنا اليومية وفق التعليمات الثورية .. وإذا كانت التعليمات تأتي من مسئول المشتى عامة؛ فإنها تأتي أيضا ومباشرة من الاجتماعات الليلية الدورية التي تعقد لصالح المواطنين .. أول اجتماع حضرته على رغم كوني طفلا كان في مكان يسمى الكوري .. تقدم فيه رئيس اللجنة وسط الحلقة وكان الجمهور جالسا و قد شكل شبه حلقة وأعلن عن أسماء الخطباء وعن رتبهم في النظام.. وحين ختم الخطيب الأول حديثة شرع الناس يصفقون؛ فنبههم إلى الكف عن التصفيق والاكتفاء بترديد عبارة بارك الله فيك.. ومنذ تلك الليلة لم أسمع تصفيقا لخطيب حتى كان الاستقلال لتعود التصفيقات من جديد ..تتالت الاجتماعات الليلية وصار حضورالنساء إجباريا.. فكانت تلك الاجتماعات بالنسبة لنا نحن الأطفال تبدو كما لو كانت أعراسا بهيجة ..فالنساء لا يخرجن لمثل هذه المناسبات إلا بأثوابهن المفوفة الجميلة متضمخات بالعطور ويضفين بتناجيهن وبهمسهن وبقهقهاتنا الصادحة مزيدا من الحياة والحبور؛ ويحدث أن يتم استعراض سريع لفرقة مسلحة من الجنود وهم ينشدون أناشيد وطنية قبل الشروع في إلقاء الخطب .. ولكن في أغلب الحالات يقوم الخطباء أنفسهم بالإنشاد الجماعي قبل الشروع في ارتجال خطبهم.