مع تنوع أساليب النهب والاحتيال، ومع ارتفاع حالات النصب والغش على المستهلكين، صرنا نستشف جليا غياب الدور الريادي لجمعيات حماية المستهلك، واختصار عملها في ''حفنة'' حملات توعية وتحسيس مبرمجة هنا وهناك، عشية حلول كل موسم اصطياف عبر ولايات الوطن، وبعيدا عن ذلك فلا حماية مضمونة للمستهلك، ما لم تتدخل الجهات المسؤولة لفرض احترام شروط التجارة النظيفة والنزيهة على المعنيين. وبعدما تفنن بعض التجار في استعمال آخر صيحات النصب على الجزائريين، من مواد مغشوشة ومقلدة غير صالحة للاستعمال، وأخرى مرت مدة صلاحيتها، ها نحن نسمع عن أخبار تفيد بأن أحدهم قد فتح علينا بابا جديدا وبأسلوب آخر ''صيحة'' من أبواب التدليس والتزوير، ابتكرها أحد الشباب من الذكور المتأثرين وإلى أقصى درجة على ما يبدو بالسينما والدراما المصرية في الوقت الذي وصمت فيه السيدات ولزمن طويل بتأثرهن العميق بالمسلسلات المصرية، فصاحبنا الذي اختار أسلوب المراوغة وانتحال شخصية الآخرين، اختار لنفسه تقمص شخصية أحد مشاهير الفن المصري، بانتحال كنيته واسمه، وربما حتى مظهره، ليتمكن بطريقته تلك من سلب أموال بضعة شركات كهرومنزلية تنشط بعاصمة الغرب الجزائري، كان يوهمها بالمقابل وبفضل شيكاته المزورة أنه أحمد السقا الفنان المصري الشهير، فتمكن من عقد صفقات وهمية كبدت الطرف الآخر خسائر بليغة في الوقت الذي تفطنت مصالح الأمن فألقت القبض عليه بتهمة الاحتيال وانتحال شخصية نجم سينمائي. محاولة تحليل الوضع توحي لنا بأن الحادثة هي بالفعل ''تطاول ما بعده تطاول''، فبعدما وضعت منذ فترة السلطات الأمنية حدّا لنشاط شبكة خطيرة كانت بمثابة حكومة موازية داخل الدولة، استطاعت تزوير جميع الوثائق الرسمية الخاصّة بمختلف الوزارات والهيئات والمؤسّسات العمومية والخاصّة والإدارات بغرب البلاد، تبين أن صاحبنا الجديد ونظرا لشساعة وبداهة موهبته الفنية، قد أفصح عن جانب مكنوز هام من المواهب القيمة بباطنه وربما حتى بين أوساط الشباب، ما أفضى إلى اكتشاف أسلوب من نوع آخر لأساليب المراوغة. وبينما تسعى مؤسسات الدولة إلى رفع حالة التأهب لمجابهة خطر الجريمة الالكترونية وتأثيراتها، كما تعمل المنظومة القضائية على تكوين أحسن للقضاة ومستخدمي القطاع لحسن خدمة المواطن والدولة، وفي الوقت الذي شدد فيه وزير التجارة على ضرورة اشتراك أكثر من وزارة لحماية المستهلكين، مازلنا نتابع أخبار بعض التجاوزات التي تقع ضحيتها أطراف أقل ما يقال عنها إنها ''مغفلة''، وإلا كيف بإمكان أحدهم أن يستغل أموال شركات بمثل هذه الطريقة، وفي خضم كل هذا الاحتراف الفني لأساليب المراوغة ما علينا سوى انتظار ما تخبئ الأيام من محاولات نصب على الطريقة الهوليودية المتهمون فيها قد يكونون من قبيل ''جون كلود فان دام'' أو ''جون ترافولتا'' !!!.