وجه مسؤول الاستخبارات البريطاني السابق أليستر كروك انتقادات حادة للنظام المصري خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الوحشي ضد ''أسطول الحرية''، واتهمه ب ''تقزيم'' دور مصر في المنطقة، وغض الطرف عن ما يقوم به الكيان الصهيوني من اعتداءات مستمرة ضد الفلسطينيين بالاضافة لحصاره الجائر لقطاع غزة والذي دخل عامه الرابع على التوالي، وذلك في سبيل الحصول على موافقة قادة الاحتلال على المضي قدما في تنفيذ ما يسمى ب ''مخطط توريث الحكم'' وانتقال السلطة من الرئيس حسني مبارك إلى نجله الأصغر جمال مبارك رئيس لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم. وقال كروك في مقال له نشرته صحيفة ''نيويورك تايمز'' الأمريكية وحمل عنوان ''نفوذ مصر المتلاشي'': ''إن نظام الرئيس مبارك في القاهرة يتجاهل ما تفعله إسرائيل من حماقات، لاقتناعه بأن بوابة الحصول على الضوء الأخضر لتوريث الحكم، تكمن في تل أبيب لا في واشنطن''. وقال كروك، مدير ''منتدى الأزمات''، ومقرّه بيروت، إن ''قضية أسطول الحرية، شكلت نقطة تحوّل بالنسبة لمصر وبمدى أقل للسعودية''، موضحاً أن ''ما نشهده حالياً هو خطوة أخرى، وربما حاسمة، يكمن في تحول توازن القوى الاستراتيجي في الشرق الأوسط، فالقضية الفلسطينية، على ما يبدو، تفلت تدريجياً من أيدي الرئيس مبارك والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز''. وفي استعراضه للموقف المصري من الهجوم على ''أسطول الحرية''، قال كروك: إن ''النظام المصري الذي لطالما غضّ بصره عن التجاوزات الإسرائيلية، لم يتمكن من الوقوف مكتوف الأيدي أمام جريمة أسطول الحرية، وانحاز للضغوط الشعبية وقرر فتح معبر رفح لتهدئة غضب المصريين، كما أن الخارجية المصرية لم يعد بإمكانها إغفال ما تشهده خريطة الشرق الأوسط الإستراتيجية''. وأضاف: ''الجميع في المنطقة، يدرك بأن دوافع تأييد مبارك العنيد لإسرائيل، تنبع من اقتناعه بأن بوابة الحصول على الضوء الأخضر الأمريكي، لتوريث الحكم إلى نجله، تكمن في تل أبيب، لا في واشنطن''. وتابع: ''أن مبارك يتمتع بالحد الأدنى من التأييد في الولاياتالمتحدة، فإذا تجاهلت واشنطن مبادئها الديموقراطية من أجل دعم توريث الحكم في مصر، سيكون فقط لأن إسرائيل قالت إن غض الطرف الأمريكي هذا، ضروري من أجل أمن إسرائيل''. ولتحقيق هذا الهدف، زعم كروك ''عمل النظام المصري على إضعاف موقف حكومة حماس في غزة، وتعزيز حكومة محمود عباس وحركة فتح''، وفق ''سياسة تتم على حساب الوحدة الفلسطينية''، في ''محاولة التوسط المصرية والتوصل إلى اتفاق سلام أحادي الجانب ينظر إليها في المنطقة كجزء من المشكلة لا كجزء من حل المشكلة الفلسطينية''. ويرى كروك: ''إن مصر لم يتبق لها في المنطقة سوى ذكرى عظمة الماضي، بعدما تراجع نفوذها بشكل كبير، على مدار 20 عاماً''، استخدم خلالها ''زعماء المنطقة اشتراكهم في عملية السلام، كمبرر لتقويض المعارضة الداخلية. هو تبرير فقد الآن سحره. وها هم يدفعون الثمن''، ب ''تحول دفة القيادة في مثل هذه القضية الأساسية إلى أيدٍ غير عربية، ايرانية وتركية، وهو ثمن باهظ، ومخزٍ جداً''. وختم مسؤول الاستخبارات البريطاني السابق مقاله بالقول: ''إن تأييد مبارك للحصار الإسرائيلي على قطاع غزة أملاً في أن تكافئه الولاياتالمتحدة بمباركة التوريث، وضعه في مأزق، أعاقته رياح التغيير وهددت بقاء جمال مبارك، وبأي حال من الأحوال، فسيطرة مصر على الملف الفلسطيني لن تكون أبداً على ما كانت عليه''. وكانت صحيفة ''هآرتس'' العبرية، زعمت في عدد سابق لها أن الرئيس حسني مبارك هو الرئيس الأكثر قرباً لبنيامين نتنياهو- رئيس الحكومة الإسرائيلية من بين كل زعماء العالم، وأنه على عكس الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لم يخش الرئيس المصري مصافحة نتنياهو.