يبدو أن مسلسل الصراعات والنزاعات بين الأطراف المعنية مازال يطال المعرض الدولي للكتاب المزمع تنظيمه في الفترة الممتدة ما بين 27 أكتوبر وحتى 6 نوفمبر، والتي تعود أسبابها في الأساس إلى تغيير قبلة معرض الكتاب من الصنوبر البحري إلى خيمة 5 جويلية ابتداء من العام الماضي. هذا التغيير مازال يثير الجدل بين الناشرين والمهنيين وحتى الزوار الذين رفضوا قبول الوجهة الجديد ة للمعرض، الأمر الذي دفع بأغلبية الناشرين الجزائريين على غرار الناشرين الأجانب، إلى اتخاذ قرار مقاطعة المعرض في دورته المقبلة. لمعرفة حيثيات هذا النزاع تقربت ''الحوار'' من بعض الأطراف المعنية لاستقصاء رأيهم حول الموضوع. فتيحة سوال رئيسة اتحاد المكتبيين الجزائريين: ''لا تهمنا اللقاءات التي تعقد على هامش المعرض ما دمنا خارج الأسوار'' أعربت فتيحة سوال، رئيسة اتحاد المكتبيين الجزائريين، عن أسفها لما يحدث من نزاعات في كل مرة بسبب معرض الكتاب والتي تستهدف خير جليس بالدرجة الأولى. وأوضحت سوال أنها لا تكترث للقاءات والاجتماعات التي تعقد هنا وهناك بخصوص معرض الجزائر الدولي للكتاب، مضيفة ان الأمر واضح لا رأي لنا لما يجري من اجتماعات ولقاءات بعدما رمينا خارج أسوار المعرض الدولي للكتاب، منذ إقصائنا من عملية تنظيمه، حيث أوكلت المهمة إلى أطراف أخرى زادت في تعميق هوة التفرقة، وكل المكتبيين المنخرطين في الاتحاد اتفقوا على مقاطعة المعرض على الرغم من أهميته الفكرية والتجارية، نظرا للبلبلة وسوء التسيير الذي طبع المعرض في الآونة الأخيرة. أحمد ماضي رئيس نقابة الناشرين الجزائريين: ''الجمعية العامة أدت دورها ومطالب الناشرين واضحة'' من جهته قال أحمد ماضي، الأمين العام للنقابة الناشرين الجزائريين، إن الاجتماع الذي نظمته الجمعية العامة مؤخرا أسفر عن إرسال الدعوة إلى كل المهنيين دون استثناء، منهم من لب الدعوة ولو عن طريق وكالة التمثيل، ومنهم من قاطع الحضور لاعتبارات لا أريد الخوض فيها، مضيفا ''أن مطالبنا موضوعية والنتائج التي أسفرت عن الاجتماع أظنها في المستوى وتخدم الجميع''، بالإضافة إلى ذلك كله يقول ماضي إن القائمين على هذه التظاهرة الدولية غفلوا إدراج المكان الذي سيحتضن هذه الفعالية في ملف المشاركة الذي تسلمه مسؤولو دور النشر المعنيين. وبخصوص مشاركة دار الحكمة أوضح ماضي أن داره لن تشارك في معرض يخلو من ضوابط وقواعد متينة تخدم الكتاب والقارئ على السواء ''صراحة عرض كتاب تحت الخيمة في ظل وجود فضاء مثل سافكس مهزلة يندى لها الجبين، على الأطراف المعنية أن تسرع لإرجاع المعرض الدولي إلى أحضان شركة ''سافكس'' بالصنوبر البحري باعتباره المكان المناسب للكتاب والناشر والكاتب وحتى الزائر''. وبلهجة حادة قال ماضي إن نقابة الناشرين هي من أرجعت لهذا المعرض سمعته بعد 14 سنة من الإرهاب ومن القتل وسفك الدماء، بعدها دخلت الشركة الوطنية للنشر والإشهار التي أعطت دعما لهذا الحدث ودخلت كشريك له وزنها الثقيل في حقل النشر والتوزيع إلى جانب شركة سافكس التي وفرت كل الاحتياجات للعارضين والجمهور الزائر، لكن ما يثير الدهشة أن اسماعيل أومزيان الذي كان على رأس نقابة الناشرين يقدم استقالته وبعد 48 ساعة يعين محافظا لمعرض الجزائر الدولي للكتاب. مصطفى قلاب مدير دار الهدى للنشر: نقابة الناشرين لم تستغل عامل الوقت لصالح المعرض وفي هذا الخصوص، أبدى مدير دار الهدى للنشر مصطفى قلاب استياءه هو الآخر إزاء الظروف التي ينظم فيها المعرض الدولي للكتاب، ولاسيما أن المعرض سيقام للمرة الثانية بخيمة خمسة جويلية. مشيرا في هذا الإطار إلى المشاكل التي انتابت تنظيم المعرض بسبب مكان العرض في العام الماضي. كما توقف محدثنا عند الاجتماع الذي نظمته نقابة الناشرين الجزائريين حيث قال بشأنه إنه متأخر عن أوانه، وانه كان الأجدر بأعضاء هذه الهيئة تنظيم اللقاءات مباشرة بعد الأيام التي تعقب اختتام كل طبعة من فعاليات الصالون الدولي للكتاب والنظر في شؤون هذا العرس الثقافي الدولي الذي تحتضنه الجزائر على مدار خمسة عشر عاما، وبحضور كل المعنيين بالأمر ونتكلم دائما عن شيء اسمه الحوار، ونقدم الاقتراحات اللازمة حتى يكون عمل الجمعية العامة للنقابة أكثر مهنية ''كان يفترض بالنقابة أن تقدم البديل في وقته وأن تستثمر عامل الوقت لصالحها. صحيح، يضيف قلاب، أنه لا يختلف عارضان على أن المكان الأنسب لتنظيم تظاهرة مثل المعرض الدولي للكتاب في الجزائر هو ''سافكس'' على خلفية ملاءمة المكان وظروف العرض التي تخدم المنظمين والعارضين والزوار والكتاب معا، أشياء كثيرة يجب الخوض فيها. تجربة الخيمة في العام الماضي الكل استاء منها وشكلت جدلا واسعا في الوسط الثقافي الجزائري وحتى الجمهور الزائر، فسلبياتها غطت إيجابياتها''. وأضاف ''هل تحدثنا مع المحافظ، هل هناك لقاء مع وزارة الثقافة لمناقشة التجربة السابقة ؟ لأنه من حق الناشر حسب قلاب أن يكون على علم بعرسه هذا، وحتى نمثل الجزائر على أحسن وجه''. عبد الحكيم بحري مدير دار صلاح الدين للنشر والتوزيع: ''على القوى الفاعلة في الحقل الثقافي نبذ فكرة الصراعات وتغليب العقل والمنطق'' وصف عبد الحكيم بحري مدير دار صلاح الدين للنشر والتوزيع الكائن مقرها بولاية قسنطينة التوصيات التي تمخضت عن اجتماع نقابة الناشرين الجزائريين بالإيجابية، والتي تقضي بضرورة إعادة صالون الجزائر الدولي للكتاب في دورته المقبلة إلى مكانه العتيد بالصنوبر البحري، نظرا لملاءمة ظروف العرض الذي تشرف عليها شركة ''سافكس'' التي اعتادت إعطاء التسهيلات للعارضين دون استثناء، وبأسعار مدروسة ''كناشر من مدينة قسنطينة وبحكم اعتيادي المشاركة في الصالون الدولي للكتاب أؤكد أننا لم نتلق أي صعوبات خلال عرضنا بالصنوبر البحري، لكني لا أفهم لماذا نذهب بالكتاب وهو شيء مقدس إلى خمسة جويلية ونلقي به في ''الڤيطون''، حيث يفتقر لأدنى شرط من شروط الأمان، ونرمي بالقارئ وزائر المعرض إلى فضاء لا يليق به ولا يجد راحته فيه''. مضيفا ''لو نظم خارج العاصمة كورڤلة أو تمنرست أو تلمسان أو أدرار، لهان الأمر وكان بإمكاننا قبول فكرة تنظيمه تحت خيمة نظرا لعدم توفر هذه المناطق على فضاءات بحجم سافكس، أما أن ينظم في عاصمة الدولة الجزائرية داخل خيمة وفي ظل وجود مكان محترم فهذا ما لا يتقبله العقل''. وبخصوص موعد الاجتماع الذي دعت إليه نقابة الناشرين والذي انتقده الكثير منهم، أكد ذات المتحدث أنه جاء في موعده وأنه استوفى مطالب الناشرين، داعيا كل القوى الفاعلة في ميدان النشر في الجزائر وكذا وزارة الثقافة ونقابة الناشرين إلى نبذ العداء والنزاعات والصراعات البينية وأن يتبنوا رؤية ثقافية واضحة تخدم مصلحة الكتاب بالدرجة الأولى ومصلحتنا بصفة عامة.