يعتبر فصل الخريف من الفصول الذي يعرف بتقلبات الجو حيث يصل الأمر أحيانا إلى حد اجتماع أربعة فصول في يوم واحد، ومن هنا يجد العديد من الجزائريين أنفسهم في صراع دائم مع نوع الملابس التي يرتدونها ما يجعلهم يلجؤون إلى النشرات الجوية من أجل الإطلاع على حالة الطقس المرتقبة في المستقبل، حيث يعينهم ذلك الوقوع ضحايا لمكائد السماء التي توهمهم بوضعية معينة بينما يفاجؤون بتغير ألوانها بعد ساعات من الزمن. كثيرا ما يقع الأشخاص ضحايا للتقلبات الجوية فيدفعون الثمن غاليا ينتهي عادة بتحملهم للحرارة المرتفعة التي يشعرون بها أو تبلل أجسامهم ويصبحون محاصرين بتساقط الأمطار الغزيرة التي تعيق عملية تنقلهم، حيث وبمجرد مشاهدتهم لأشعة الشمس يسارعون إلى ارتداء ملابس خفيفة ظنا منهم بأن الجو سيكون جميلا وساخنا طوال اليوم وبالتالي فإنهم لا يعتبرون بأنه من الضرورة ارتداء المعاطف وتكثيف عدد الألبسة وخاصة لا يرغبون في حمل المظلات، إلا أنهم يصادفون بعد فترة من الزمن ومرور بضع ساعات بتغير ألوان السماء وتلبدها وسرعان ما تبدأ تلك الأشعة الذهبية في الانتفاء وتظهر مكانها سحب كثيفة ويتحول لونها الأزرق إلى رمادي ويكون متبوعا بتهاطل زخات من الأمطار، وأمام هذه الحالات التي لم تكن على الخاطر ولا في الحسبان.. يبدأ هؤلاء الأشخاص في التذمر والاستياء ويتمنون لو أنهم تابعوا النشرة الجوية حتى يتداركوا ما وقع لهم من جراء سوء تقديرهم لوضعية الجو وهو أمر يحدث في الغالب عند الأشخاص الذين يعملون ويضطرون لمغادرة البيت منذ وقت مبكر وبالتالي يصعب عليهم معرفة حقيقة وطبيعة التوقعات لذلك اليوم ويدخلون في دوامة من التساؤلات حول ما يمكن أن يرتدون في هذا الفصل لا سيما وأنه في كثير من المرات تكون الأجواء مغيمة إلا أن الحرارة تبقى مرتفعة ومن ثم يصبحون يستفسرون عن الأجواء المرتقبة لليوم الموالي وكذلك فيما يتعلق بباقي أيام الأسبوع وهو ما يضمن لهم الإبتعاد عن الوقوع في نفس الهفوات التي سبق وأن تعرضوا إليها وتجاوز استهزاءهم حيث هناك من لا يولون أهمية بمراقبة الأحوال الجوية ليكون عليهم في مقابل ذلك تجرع معاناة تحمل الدرجات العالية من الحرارة في ظل ارتداء ملابس كثيرة وكثيفة أو الإصابة بمرض الزكام نتيجة التبلل بمياه الأمطار، كما نجد أن العديد من الجزائريين يحتارون لا سيما من كانوا من طبقات متوسطة حيث يواجهون مشكلا حقيقيا يتعلق بعدم امتلاكهم للملابس الخريفية فإما أنهم يرتدون ملابس خاصة بفصل الشتاء، كلية أو خاصة بفصل الصيف. الاطلاع على التوقعات الجوية ضرورة للبعض تشكل مشاهدة النشرات الجوية جزءا هاما في حيا بعض الجزائريين نظرا لدورها الفعال في جعلهم يتخذون كامل احتياطاتهم من حيث نوعية الملابس التي يمكن أن يرتدونها خاصة في فصل الخريف الذي يصعب عليهم فيه ضبط نوعية الجو المتوقع في ذلك اليوم، وعلى هذا الأساس فقد وجدوا في الاطلاع على النشرات الجوية الحل الأنسب والملائم وهي وسيلة تجنبهم التعرض إلى تلك التغيرات الطارئة والمفاجئة إما بالارتفاع المحسوس في الحرارة أو غزارة الأمطار، وتختلف الطرق التي يتابع عن طريقها هؤلاء التنبؤات الجوية فالبعض يفضل الاطلاع عليها عن طريق وسائل الإعلام السمعية والبصرية وآخرون يشبعون فضولهم أكثر بالولوج مباشرة عبر شبكة الانترنيت إلى الموقع الخاص بالديوان الوطني للأرصاد الجوية، في حين نجد آخرين يواظبون على معرفة درجات الحرارة من خلال الاستماع المتكرر إلى النشرات الجوية المذاعة عبر أمواج الراديو خاصة عند أصحاب السيارات وبعضهم يطالع الجديد عن التوقعات عن طريق الجريدة المكتوبة وهذا في سبيل تجنيب أنفسهم عواقب مناخية يستحيل عليهم مواجهتها لا سيما على الأشخاص الذين يقطنون في مسافات بعيدة بين منازلهم ومقرات عملهم أو مؤسساتهم الدراسية، وفي هذا لاشأن تؤكد لنا السيدة ''جميلة'' بأنها في فصل الخريف تجد صعوبات كبيرة في التأقلم مع نوعية الجو خاصة وأنه يتقلب عدة مرات في اليوم وقد سبق لها وأن وقعت ضحية لتغيرتها حيث تروي لنا مرة أنها قبل مغادرتها البيت لاحظت بأن السماء كانت صافية ولونها أزرق وبناء على ذلك لم تكلف نفسه بارتداء ملابس كثيرة حتى نها اكتفت بقميص صيفي ظنا منها بأن الجو سيكون مشمسا طوال النهار، إلا أنها وبعد منتصف النهار تفاجئت بظهور جو آخر ليس ذلك الذي شاهدته في الصباح ففي لمح البصر تكاتفت السحب في الأجواء وبدأ الرعد يقصف ليليها تساقط قطرات من الأمطار سرعان ما أخذت تتضاعف وتتهاطل بغزارة وعلى إثر ذلك خيل إليها بأن الطريق من الجامعة إلى بيتها يزداد بعدا وذلك نتيجة عدم تمكنها من السير بدون مظلة فعند وصولها إلى هناك كانت أشبه بالسمكة التي أخرجت من البحر، ومن ذلك الوقت تضيف أيضا أصبحت لا تنقطع عن متابعة النشرات الجوية عبر التلفزيون حتى تبقا على علم بمختلف التوقعات الحاصلة على مدار الأسبونع لأن ما حصل لها أصبح بمثابة موعظة لها وجعلها لا تغر بذلك اللون الأزرق ولا بتلك الأشعة الذهبية. أما ''منال'' فهي الأخرى تضيف بأنها تدرك جيدا بأن الأجواء في فصل الصيف في تغير مستمر فأحيانا في نفس اليوم تكون الأجواء صيفية ثم تصبح ربيعية وفي كثير من الأحيان تتحول إلى شتوية وهنا يكون المشكل بالنسبة للأشخاص الذين لم يتخذوا إحتياطاتهم اللازمة، أما عنها فتضيف لنا فإنها دائما تحمل مظلتها في حقيبتها وترتدي معطفا خفيفا تفاديا لكل ما يمكن أن يحصل من غضب الطبيعة لاسيما وأنها تضطر لمغادرة منزلها على الساعة السابعة صباحا وتعود إليه في نفس الوقت من المساء. أما بالنسبة ل ''حمزة'' فأبدى لنا عدم اكتراثه بدرجة كبيرة بتحولات الجو خاصة وأنه يملك سيارة حيث عادة ما يفضل ارتداء ملابس صيفية ويضيف فوقها سترة شتوية خفيفة. ومن جهتها تصرح لنا ''أسماء'' بأنها لا تثق بما تبثه النشرات الجوية الوطنية التي تعرض على شاشاتنا حيث تغلطنا وتوهمنا بأن الأجواء ستكون صحوة في اليوم الموالي بينما يحدث العكس في الواقع ولذلك فإنها تتابعها عبر شبكة الانترنيت عن طريق البلدان الأجنبية لأنها تعتبرها أكثر مصداقية وتقدم الأخبار الصحيحة. ومن هنا يمكن القول بأن التغيرات الجوية لا يمكن التحكم فيها بنسبة 100 بالمائة فعلى الرغم من تمكن علم الفلك من رصد التغيرات والتنبؤ بالوضعية المرتقبة، إلا أننا لا يجب أن ننس بأن الطبيعة محكومة بإرادة الخالق الذي يحولها كما يريد، وبناء على ذلك فإنه يجب على كل واحد أن يضع في الحسبان هذا الأمر ويقود نفسه لأن يتفاعل مع كل فصل سواء كان باراد أو ساخنا.