أكثر ما يعاني منه المصابون بالسيدا العزلة الاجتماعية المفروضة عليهم، ومظاهر التهميش الاجتماعي التي تلقي بظلالها على حياتهم فشبح السيدا يطاردهم أينما توجهوا، ويرعب كل من يقترب منهم حتى أصحاب أنبل مهنة في التاريخ الأطباء، قد يطمحون مثل البقية إلى العيش وسط مجتمع متفهم لمرضهم، غير نابذ لهم لكن أمام صعوبة مرضهم وجدوا أنفسهم في دائرة المغضوب عليهم. أكد السيد عادل زدام رئيس جمعية ايدز الجزائر أن اكبر مشكل يواجه مرضى الايدز وحاملي الفيروس، نظرة المجتمع التي تلقي باللوم على حامل الفيروس وتحمله تبعات ما لحق به من مرض، في حين كان من الأجدر أن تقف معه وأن تعامله كأي مريض عادي يعاني من مرض ما. والمشاكل التي يعاني منها مريض الايدز عديدة أولها نظرة المجتمع غير المنصفة وثانيا طريقة التعامل الغير العادلة التي يتلقاها من الناس وخاصة من الذين يطلب منهم تقديم خدمات له مثل الأطباء، فكثير من المرضى وحاملي الفيروس يخبرون الأطباء بحقيقة مرضهم لكي يأخذ الطبيب احتياطاته لكن للأسف يرفض الطبيب معالجته دون أسباب مقنعة مع أن القوانين تؤكد حق المريض في العلاج إلا أنها للأسف لا تطبق. وأضاف السيد زدام أن هذا يقودنا إلى العمل على تحسيس المجتمع بخطورة مرض الايدز وتوعيته بضرورة احترام المريض وتغيير نظرته التي يشوبها الكثير من الظلم فليس كل مرضى الايدز مذنبين وكثير منهم انتقل إليه المرض دون علمه كالزوجات والأطفال مثلا. وشدد السيد زدام على أهمية أن يدرك الناس أن الايدز ينتقل عن طريق العلاقات الجنسية غير الشرعية وعمل الجمعية يوجه إلى النساء العاملات في ميدان تجارة الجنس وتحذيرهن من مخاطر ما يقمون به لأنهن يساهمن بشكل كبير في انتشار مرض الايدز ويضاف إليهن المدمنون على المخدرات. عتيقة قصة ألم وتحد حكت عتيقة - حاملة لفيروس الإيدز - ل''الحوار'' حكايتها مع المرض الذي أصيبت به منذ 6 سنوات، وهي شابة مكافحة فضلت أن تخلق من مرضها أملا لغيرها بدلا من أن تستسلم له وللحزن وتجعل من حياتها حكاية يرويها الناس بدافع الشفقة. ترجع تفاصيل إصابتها بالفيروس إلى زواجها، حيث تقول عتيقة ''اكتشفت إصابة زوجي صدفة بعد اطلاعي على أدويته التي وصلت إلى يدي دون علمه، حيث كان يقتنيها من فرنسا ويتناولها خفية عني إلى أن واجهته مشكلة قضائية منعته من السفر إلى فرنسا.. وفي تلك الفترة وبعد أربع سنوات من زواجي اكتشفت المصيبة التي لم أتوقعها أبدا في حياتي وهي إصابة زوجي بالإيدز ومعناه إصابتي أنا أيضا بهذا المرض، فاجعتي كانت لا توصف أصبت بانهيار عصبي لأني لم أتمكن من قبول حقيقة حملي لفيروس فقدان المناعة''. كان وقع الفاجعة على عتيقة كبيرا جدا، جعل منها في الأيام الأولى حبيسة الألم لان عائلة زوجها كانت على علم بمرض ابنها وقد حكموا عليها كما قالت بالإعدام والأمر من دلك أن والدتها توفيت بسكتة قلبية عند سماعها بالخبر لأنها لم تستطع استيعاب الأمر وأن هناك أشخاصا في هذه الحياة ماتت ضمائرهم إلى هدا الحد تحصلت عتيقة على ورقة طلاقها من زوجها وهي تحمد الله أن ابنتها لم تصب بالداء لكنها تطلب من العدالة أن توقع أقصى العقوبات لمن ينقل فيروس فقدان المناعة إلى أجساد أخرى لا ذنب لها، لكن ورغم ذلك فقد مرت الأيام وتمكنت عتيقة من الخروج من قوقعة الحزن وجعلت من محنتها محفزا للنهوض إلى الأمام وانخرطت بعدها في جمعية حياة الخاصة بحاملي ومرضى الإيدز، ومن ذلك اليوم أصبحت أيامها عبارة عن كفاح دائم تسعى من خلاله إلى أن توصل للناس فكرة أن المصاب بمرض الإيدز إنسان عادي وليس وحشا يهربون منه، وأن العدوى لها سبل إذا تفاداها المرء فلن يخشى شيئا وإن تهميش المجتمع لهذه الفئة أمر لن يرضي الله والمرض هو ابتلاء من عند الله ولا مفر من قضائه. ويبقى التأثير على نفسية المرضى الهاجس الأول، ولعل ما يحز في نفسيتهم عدم استعداد الناس لتقبلهم وعدم استعداد بعض الأشخاص لتطبيق القانون خاصة الذين كان من المفروض أن يقدموا يد العون للمرضى كالأطباء فأغلبهم يمتنعون عن إجراء العمليات الجراحية وحتى التحاليل العادية، وهو الأمر الذي أبكى عتيقة في المرة الأخيرة عندما رفضت عاملة المخبر إجراء تحاليل بسيطة طلبها منها الطبيب.