مشكل السكن يؤرق العائلات الجزائرية، فبالرغم من أن الدولة أصدرت تعليمات صارمة من أجل التكفل بكل الأسر المعوزة، إلا أنها لم توفق في تلبية كل طلبات المواطنين وهي تسعى لتحقيق آمالهم إلا أن هناك فئة في المجتمع الجزائري ماتزال مهمشة وفي طي النسيان وهي عائلات ذوي الاحتياجات الخاصة التي تتجرع مرارة إعاقة أبنائها من جهة ومشكلة السكن من جهة أخرى. أطفالها الثلاثة معاقون ويعانون أمراضا مزمنة تعيش عائلة عبد السلام في بيت قصديري يقع بحي ''بوسماحة'' ببوزريعة المتكونة من الأم سامية وأبنائها الثلاثة، حيث أنها تعيش ظروفا اجتماعية قاسية فبالاضافة إلى أنها مطلقة أبناؤها الثلاثة يعانون من أمراض مزمنة. فهشام البالغ من العمر ستة عشر سنة ووافية ذات العشر سنوات معوقان صم بكم بنسبة 100٪ وأنيس البالغ من العمر خمس سنوات مريض مرضا مزمنا ونادر يدعى ''السيلياك''، كما أن سامية هي الأخرى تعاني من مرض الربو. انتقلنا إلى حي ''بوسماحة'' لتقصي حقائق معاناة هذه السيدة فاستقبلتنا وكلها أمل أن يكون لحضورنا وقع في نفوس المسؤولين، عند وصولنا دخلنا الكوخ الذي يحتوي على غرفة واحدة ضيقة جدا وللوهلة الأولى ينتابك شعور أنه مستحيل أن تقطن عائلة هناك خصوصا في ظروف صحية كظروف سامية وأبنائها، فالجدران متصدعة ويمكن من خلالها رؤية الشارع ورائحة الرطوبة عمت المكان لا نافذة ولا باب يقفل، لا مدفأة تقيهم من صقيع هذا الفصل البارد ولا حتى زربية مفروشة تقيهم من البرد الذي يصدر من الأرض المفترشة بالبلاط. روت لنا سامية ثقل معاناتها بكل مرارة فقالت: أنا سامية قايد امرأة مطلقة منذ سنوات، طلبت الطلاق لأنني ذقت العذاب والويل من طليقي، فقد تزوج في السر ولم يخبرني ولما أنجب من زوجته الثانية أراد أن يأتي بها للعيش في بيتي فلم أرض بذلك فمثل هذا الأمر لا تتقبله أي امرأة، هذا ما نجم عنه تصدع دائم بيننا وشجارات يومية فقد كان ينهال علي ضربا ويهددني بالقتل إن لم أنصع لأوامره. وفي كل مرة كنت أرفض. استمر هذا الحال لشهور طوال وفي آخر شجار بيننا ضربني ضربا مبرحا فقدت خلاله وعيي ودخلت المستشفى كل الضربات كانت على مستوى رأسي ووجهي وفقدت كل أسناني، فرفعت شكوى ضده وطلبت الطلاق. طلقني ورمى بي وبأبنائه إلى الشارع بحكم أن في ذلك الوقت قانون الأسرة لم يعدل بعد. اتجهت إلى منزل أبي وأقمت معهم بعض الأشهر وصرت معهم في صراع دائم إذ أنهم طلبوا مني أن أتخلى عن أبنائي وهذا ما لم أستطع تقبله أبدا. وبعدها أصبحت أقيم بصفة غير مستقرة عند الأقارب وبعدها قمت بكراء منزل بالشراربة ولكن تكاليف الإيجار باهظة فليس لي مدخول سوى دخلي فأنا أعمل منظفة في مستشفى مصطفى باشا، غيرت المسكن مرة أخرى وهذه المرة إلى ''الحميز'' ولكن نفس المشكل صادفني، ولولا أن بعض المحسنين ساعدوني لكنت الآن بين أحضان الشارع. والآن أنا مقيمة هنا ب''بوسماحة'' سمحت لي سيدة أكرمها الله أن أقيم عندها ولكن كما ترين الظروف قاسية جدا، والله لم أعد أتحمل كل هذا خصوصا مرض أبنائي الثلاثة والمشكل أنني لم أكتشف إعاقتهما باكرا فكل هذه المشاكل ألهتني عن ذلك . فهشام ووافية لم أكتشف إعاقتهما حتى دخلا المدرسة ومع الظروف المادية الصعبة لست قادرة على تأمين علاجهما، وبعد عناد كبير مدت لهما يد الخير من مؤسسات ومن طرف المجتمع المدني وهما الآن يعتمدان في سمعهما على سماعات طبية تقليدية لأنهما معوقان 100٪ وهذا للتغلب على مشاكلهما الدراسية ومن أجل تعزيز قدراتهما على الاختلاط مع أبناء جيلهما وانتسبا لمدرستي الصم والبكم فشهام في مدرسة ''الحمادية'' بالدار البيضاء ووافية ''البسمة'' بصالومبي، وحتى ابني الصغير أنيس مريض مرضا مزمنا وهو يحتاج إلى رجيم خاص مدى الحياة. فأي حياة هذه؟ نحن محرومون من أبسط حق في الحياة وهو العيش تحت سقف بيت آمن فرغم أنني ناشدت السلطات في كثير من المناسبات إلا أنني والله ظروفي قاسية ومعاناتي كبيرة وصرختي أكبر وكل آمالي وتمنياتي أن يكون لندائي آذان صاغية. فلوجه الله أنا أناشد المسؤولين أن يرأفوا بنا فإن لم ينظروا لي فلينظروا لأبنائي والله هم يتجرعون قساوة لا مثيل لها خصوصا أنهم بدأو ايكبرون ويعرفون فأنا في كثير من الأحيان لا أوفق وأعجز عن تلبية أبسط الأمور من ملبس ومأكل لهم ويا لردة فعلهم عند عجزي فهم يشعرون أنني أظلمهم رغم ما أقاسي من أجلهم. فللمرة الألف أرجو من المسؤولين والسلطات وكل من يقرأ هذه الجريدة أن يساعدني خصوصا أنني سمعت أن السلطات ستقوم بترحيل السكان هنا وأنا لا تخيل ولا أحب التفكير فيما سيحدث لنا بعدها، فأغيثوني وارأفوا بحالي.