للجزائر على الدوام موقف ثابت من القضية الفلسطينية بدون أي لبس اوغموض، فقد أكد الأمين العام لجبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم، أن موقف الجزائر تجاه ما يجري في قطاع غزة موحد رسميا وشعبيا، كما أشار إلى أن جميع القوى السياسية الوطنية ملتفة حول القضية الفلسطينية، موضحا أن الجزائر التي اكتوت بنيران الاحتلال تدرك أن اقتلاعه يمر عبر المقاومة. وفي أيام الحصار عرضت الجزائر على الفلسطينيين في غزة تزويدهم بكل الطاقة اللازمة من دون مقابل لمواجهة الحصار، وقال نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس موسى أبومرزوق في وقت سابق :'' إن الجزائر موقفها في الموضوع الفلسطيني موقف مميز، وقد عرضت في الحصار الأخير تزويد القطاع بكل الطاقة اللازمة وبشكل مباشر ومن دون مقابل، وأعتقد أن هذا يمثل موقف كل مواطن جزائري تجاه القضية الفلسطينية، وهوموقف متقدم في الساحة العربية، ذلك أن المواقف العربية مشتتة ومنقسمة، وحتى إذا اتفقت أحيانا على قضية معينة فإنهم لا يستطيعون فرضها إقليميا''. وقد كشف الهجوم الصهيوني على قطاع غزة، عن متغيرات جديدة في منطقة الشرق الأوسط، تؤشر على انحصار أدوار إقليمية لدول كانت تعتبر محورية في المنطقة، فيما يبقى صنف آخر يراوح مواقفه المعروفة ومن بينها الجزائر. لا يمكن أبدا مقارنة الموقف الجزائري بنظيره من دول جوار غزة .. إزاء ما يجري هذه الأيام بقطاع غزة، لأن ما ينتظره الفلسطينيون من القيادة المصرية مثلا، أكبر بكثير مما ينتظرونه من الجزائر، لعدة اعتبارات تضع دول الجوار أمام مسؤوليات كبيرة.. وبالرغم من مرور ما يقارب الأسبوعين عن بدء الهجوم الصهيوني الإرهابي على شعب أعزل، لازال دور دول جوار غزة مقتصرا على التفرج، بحيث لم تقدم هذه الدول أية مبادرة من شأنها تخفيف المعاناة على سكان القطاع، بالرغم من الأوراق العديدة التي تتوفر عليها، والتي بإمكانها إخراجها في أية لحظة في وجه العدو، وذلك بداعي الحفاظ على لعب دور الوسيط ''غير المنحاز'' بين الطرفين. إن ما قامت به الجزائر منذ بدء العدوان على غزة، والذي تمثل في تقديم المساعدات المادية من غذاء ودواء، ودعوة سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن بالجزائر، لإصدار قرار بوقف العدوان، يبقى نابعا من معاناة شعبها من استعمار لا يختلف عن الاحتلال الصهيوني اليوم، ويبقى مشرفا مقارنة بمواقف الدول أخرى، التي لم تتجرأ أي منها باستثناء موريتانيا، على استدعاء سفيرها في تل أبيب، أوطرد سفراء الدولة الصهيونية المعتمدين بعواصمها. وإذا كانت المسؤوليات إزاء الشعب الفلسطيني، متفاوتة بين الدول العربية، فإن مسؤولية دول الجوار الفلسطيني، تعتبر الأثقل، بالنظر لوزن هذه الدولة، التي توصف بأنها كبرى الكيانات السياسية العربية، فضلا عن كونها دولة تتاخم حدوديا قطاع غزة، ومن ثم فهي تتحكم في أحد أهم المعابر الخارج عن السيطرة الإسرائيلية، ومع ذلك لم تتجرأ على فتح هذا المعبر الحيوي لسكان القطاع، لا في وقت السلم ولا في وقت الحرب، بحجة ارتباطها باتفاقيات سلام مع العدو، وبحجة أخرى، وهي أنها لا تريد تكريس الانشقاق الفلسطيني، بمعنى أنها لا تريد فتحه أمام حركة حماس، لكنها مستعدة لفتحه في حالة واحدة وهي عودة سيطرة محمود عباس على قطاع غزة.