النشأة والمسار التعليمي الدكتور بريك الله حبيب، شاب طموح من أبناء هذا الوطن الغالي، نشأ في أسرة عريقة بولاية تندوف، عرفت بالعلم والمعرفة والشجاعة، من أبوين ينحدران من قبيلة تجكانت المرابطة والمجاهدة بالجنوب الغربي الجزائري، ولد في 16 أفريل من سنة 1980 بتندوف، حفظ القرآن في صغره ونهل من علومه ما نهل، زاول تعليمه من الابتدائي إلى غاية حصوله على شهادة البكالوريا في مسقط رأسه، حيث كان من المتفوقين و النجباء طيلة مشواره الدراسي، التحق بالجامعة الجزائرية سنة 1998، ليتحصل على شهادة الليسانس من قسم التاريخ بجامعة وهران سنة 2002 بتقدير مشرف جدا، ليتوجه بعدها إلى العاصمة المصرية القاهرة لمواصلة دراساته العليا سنة 2004، ليفتك منها شهادة الماجستير في تخصص علم المخطوطات وتحقيق النصوص بتقدير جيد جدا عام 2007 . عاد إلى الجزائر موظفا ومفهرسا لمخطوطات المكتبة الوطنية الجزائرية بالحامة في الجزائر العاصمة، حيث استطاع أن يساهم في فهرسة ما يناهز 2000 مخطوطة، ثم موظفا في الديوان الوطني لحماية واستغلال الممتلكات الثقافية والمحمية بالجزائر العاصمة من سنة 2009 إلى غاية شهر ماي من سنة 2010، التحق بعدها كمحافظ للتراث الثقافي بمركز الوطني للمخطوطات بولاية أدرار سنة 2010، ثم محافظا للمكتبات والأرشيف بمركز الأرشيف الوطني بالعاصمة التابع لرئاسة الجمهورية سنتي 2011 و2012، سجل في الدكتوراه سنة 2010 ليتفرغ بداية من سنة 2012 للبحث العلمي الأكاديمي، ليتوج سنة 2015 بشهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر من جامعة الجزائر2 “بوزريعة” بتقدير مشرف، في بحث مهم حول العلاقات التجارية بين مدينة تندوف والسودان الغربي، من خلال الوثائق المحلية والتي أضافت للمكتبة الجزائرية صبغة علمية جديدة، كونها أشارت إلى رصيد وثائقي ضخم محفوظ بلهجة لسان المدينة، وهي اللهجة الحسانية، والتي حفظت لنا وقائع تاريخية واقتصادية مهمة جدا في القرن 19م. لم يكن تعيين الدكتور بريك الله حبيب كأستاذ محاضر بالمركز الجامعي في مسقط رأسه تندوف بالأمر السهل والهين، وإنما مر بظروف صعبة للغاية من أجل أن يفتك تأشيرة التدريس، ولم تثنه الصعاب عن ذلك، ليعين في الأخير كأستاذ محاضر بالمركز الجامعي بتندوف بعد جهد طويل. العضويات العلمية والبحثية حاز الدكتور بريك الله حبيب على الكثير من العضويات العلمية والإدارية والبحثية، بداية بفرقة بحث في إطار البرنامج الوطني للبحث (PNR) حول جرد وإحصاء المخطوطات الجزائرية في المكتبات الخاصة سنة 2011، ثم عضوا بمخبر المخطوطات بجامعة الجزائر 2 في نفس السنة، نال عضوية اللجنة العلمية للمركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954 بالأبيار في الجزائر العاصمة سنة 2017، ثم عضوية الجمعية الثقافية مالك بن نبي بمدينة تندوف في نفس السنة، فعضوا بالمكتب الوطني للجمعية الجزائرية لترقية المواطنة وحقوق الإنسان عام 2018، بالإضافة إلى الكثير من عضويات اللجان العلمية للمجلات المحكمة والملتقيات الدولية والوطنية عبر العديد من جامعات الوطن. النشاطات العلمية المتنوعة استطاع الدكتور حبيب في بداية مشواره بالمركز الجامعي بتندوف أن يؤسس أول مجلة علمية أكاديمية دولية محكمة، والتي حملت اسم “المجلة الجزائرية للدراسات التاريخية والقانونية”، وهذا سنة 2015، كما كان رئيس خلية الإعلام والاتصال بالمركز الجامعي بتندوف في الفترة الممتدة ما بين سنتي 2015-2016، ثم مديرا لمعهد اللغة والأدب العربي بنفس المركز سنة 2016. كما استطاع في نفس السنة أن ينظم أول ملتقى وطني بالمركز، حول “صناعة التوثيق بتندوف وجنوب الصحراء: قراءات تاريخية وقانونية”، والذي نظم يومي 02-03 ديسمبر من سنة 2015، ثم نظم بعد ذلك وكان رئيس الملتقى الدولي الأول بالمركز الجامعي تندوف حول “العمارة الإسلامية بتندوف وجنوب الصحراء: رمز تواصل وإشعاع إفريقي” المنظم يومي 20-21 فيفري من سنة 2016. الجوائز والاستحقاقات الوطنية والدولية لم تكن مسيرة الدكتور بريك الله حبيب حافلة بالشهادات العلمية فقط، بل وبالإنجازات الوطنية والدولية الكبيرة، فقد نال الكثير من التكريمات على جهوده العلمية والبحثية، ولعل أهمها الجائزة الأولى عربيا في مجال التوثيق التاريخي من مجلس الشباب العربي للتنمية المتكاملة للشباب العربي المتميز من طرف جامعة الدول العربية سنة 2018، وهذا عن مجموعة من الانجازات التي حققها أهمها، كتاب فهرس المخطوطات الجزائرية بخزائن الدول العربية والإسلامية، والذي جمع فيه ما يناهز عشرة آلاف مخطوط جزائري متناثر عبر مكتبات العالم العربي والإسلامي، كما تم تكريمه من طرف وزير الشباب والرياضة السابق، ونال تكريما آخر من قبل والي ولاية تندوف والعديد من جمعيات المجتمع المدني، على غرار جمعية الهجن لسباق الإبل، وجمعية مالك بن نبي للثقافة، ثم نال بعدها جائزة الشيخ العلامة سيدي عبد الرحمن الثعالبي للعلم والمعرفة في تحقيقه لكتاب رياض الصالحين وتحفة المتقين للشيخ الثعالبي سنة 2018. الرصيد العلمي والبحثي في رصيد الدكتور مجموعة من الكتب المؤلفة والمحققة على غرار كتاب “الرحلة الحجازية”، الجزء الخاص بتندوف، منشور عن دار المعرفة سنة 2009 ( الطبعة الثانية )، دار الإرشاد سنة2011، كتاب رياض الصالحين وتحفة المتقين للشيخ العلامة عبد الرحمن الثعالبي ( الجزء الأول والثاني )، تحقيق ودراسة الدكتور بريك الله حبيب منشور عن دار الإرشاد سنة 2011، ثم الطبعة الثانية الصادرة عن دار الوعي سنة 2015، فهرس المخطوطات الجزائرية بخزائن الدول العربية والإسلامية ،دار الوعي سنة 2015، كتاب “نصيحة قضاة البرية في منع الرشوة والهدية”، للشيخ العلامة محمد المختار بن بلعمش الجكني، دار الوعي، سنة 2018، كتاب “معرفة المباني لصحة المعاني والإعانة للمقصر العاني”، للشيخ العلامة محمد المختار بن بلعمش الجكني، دار الوعي، سنة 2018، كتاب “شفاء الصدور في فتح مسألتي المشكور”، للشيخ العلامة محمد المختار بن بلعمش الجكني، دار الوعي سنة 2018، كتاب “تندوف خلال القرنين 19و20م”، مساهمة في دراسة التاريخ الاجتماعي والثقافي والاقتصادي من خلال الوثائق المحلية ، دار الكتاب العربي سنة 2019، كتاب” الحسنية في شرح الجكانية”، تحقيق ودراسة، كتاب “منظومة الأدوية والأغذية” للعلامة ابن قنفذ القسنطيني، تحقيق ودراسة..كما يعكف الدكتور حاليا على إتمام مشروع ضخم حول تاريخ وتراث المنطقة، وقد سماه سلسلة تراث وتاريخ حاضرة تندوف، ويتضمن 8 أعمال بين التحقيق والتأليف. المقالات العلمية الوطنية والدولية ساهم الدكتور حبيب بالكثير من المقالات العلمية في مجلات وطنية وعالمية محكمة، ولعل أهمها مقال “قراءة في مخطوط رياض الصالحين وتحفة المتقين للشيخ عبد الرحمن الثعالبي” في المجلة المغاربية للمخطوطات، وهي مجلة علمية محكمة صادرة عن جامعة الجزائر2، العدد الثالث سنة 2013، مقال حول “نوازل الشيخ أحمد يكن بن محمد المختار الجكني التيندوفي من خلال الجزء الثاني من رحلة الشيخ الولاتي الشنقيطي بتندوف، في المجلة المغاربية للمخطوطات الصادرة عن جامعة الجزائر2، العدد الرابع سنة 2013، مقال حول “التراث العربي المخطوط بالجنوب الجزائري:خزانتي أهل العبد وأهل بلعمش بمدينة تندوف نموذجا”، في مجلة الذاكرة الصادرة عن جامعة قاصدي مرباح ورقلة، العدد الرابع سنة 2014، مقال حول دور يهود المغرب في تجارة تندوف خلال القرنين 19 و 20م من خلال وثائق أهل العبد، مجلة الدراسات التاريخية ، الصادرة عن جامعة الجزائر 2، العدد التاسع عشر سنة 2015، مقال حول تجارة الذهب والملح في أسواق تندوف في القرن 19م من خلال الوثائق المحلية، المجلة الجزائرية للدراسات التاريخية والقانونية، الصادرة عن المركز الجامعي تندوف، العدد الأول والثاني سنة 2016، مقال حول العملات الأجنبية والسكك النقدية بمدينة تندوف في القرن 19م من خلال الوثائق المحلية، الصادر عن المجلة الجزائرية للدراسات التاريخية والقانونية، صادرة عن المركز الجامعي تندوف، العدد 03، يناير من سنة 2017، مقال حول الإبل في تجارة القوافل بتندوف في القرن 19و20م من خلال الوثائق المحلية، الصادر عن مجلة الدراسات التاريخية والاجتماعية، صادرة عن جامعة نواقشط بموريتانيا ، العدد 29، في جوان من سنة 2018…كما كان حاضرا في عدة ملتقيات علمية دولية ووطنية، منها 26 ملتقى وطني و 14 ملتقى دولي حول مواضيع متنوعة، علمية، ثقافية، اجتماعية وذات طابع أكاديمي، وساهم الدكتور أيضا في الكثير من المقابلات التلفزيونية والإذاعية عبر التلفزيون الجزائري أهمها ضيف الثالثة، قراءات، رؤى، أنتم أيضا، في ضيافة كاتب، كتاب على الثالثة، من تراثنا المخطوط. الآفاق والطموحات “بالنسبة للآفاق والطموحات، فإنا نسعى لخدمة هذا الوطن الحبيب بكل ما أوتينا من قوة، في مجال تخصصنا وفي مجالات أخرى سواء ثقافيا، علميا أو إنسانيا، لكي نصدر الصورة المشرفة ونبعث الجانب المشرق للجزائر، كيف لا وقد ترك لنا أسلافنا ما نفتخر به من تاريخ عريق وحضارة راقية أعطت للعالم أجمع درسا قويا من دروس الحياة، كما نسعى كذلك من أجل أن نسترجع ثقافتنا و روحنا من خلال المحافظة على هذا الكنز الكبير من التراث العلمي المخطوط عبر مؤسسات شبانية رائدة في تحقيق وصيانة وترميم كل ما هو تراث مادي جزائري، لننافس به كبريات المؤسسات العلمية في هذا الميدان”. وفي الحقيقة هناك مشروع رائد ولبنة أولى نعمل على بعثه للنور، ويتمثل في صرح علمي وهيكل مؤسساتي يهتم بكل ما هو تراث مادي مخطوط سواء من جانبه العلمي أو التقني، وهي الأكاديمية الجزائرية للوثائق والمخطوطات، التي تعمل على جمع وحفظ وترميم وصيانة ودراسة وتحقيق التراث الجزائري المخطوط، عن طريق مجموعة من المتخصصين في هذا الميدان لنساهم بذلك في حفظ ذاكرتنا، تراثنا وتاريخنا من الضياع والاندثار وإتاحته للباحثين والمهتمين”. نصائح للشباب الجزائري “نصيحتي للشباب الجزائري هي نصيحة كل شاب ألهمته الظروف كيف يجابه العقبات والصعاب في حياته العلمية والاجتماعية من اجل أن يفتك تأشيرة النجاح، ومن أجل أن يثبت قدراته ويرسم معالم مستقبله حين أن يفرض منطق ذاته ويفرض وجوده من خلال ولوج عالم الإبداع والعمل المشترك الذي يساهم في ترقية المجتمع وخدمة الصالح العام، وذلك لا يتأتى إلا بتخطي الصعاب كما أسلفنا و التي من شأنها أن تكون حافزا له في تحقيق أمنياته ورغباته، وأن يجعل نصب عينيه مواصلة رسالة الشهداء الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل أن تبقى الجزائر شامخة شموخ رجالها وقوية بسواعد أبنائها وآمنة بدعوات حرائرها، ويبقى الوطن في الأخير آمنا مستقرا،…تحيا الجزائر، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار”.