ازدادت قناعة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي بعدم جدوى القوة العسكرية في إحلال الأمن والسلام في بلاده التي تعيش منذ تسع سنوات على وقع حرب معلنة ضد حركة طالبان بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية. (الوكالات) ودفعت هذه القناعة بالرئيس الأفغاني إلى الإعلان عن إنشاء مجلس أعلى للسلام هدفه إجراء محادثات سلام مع حركة طالبان المسلحة. وقالت الرئاسة الأفغانية في بيان لها أن إنشاء هذا المجلس الأعلى يمثل ''خطوة مهمة على طريق محادثات السلام''. وأضافت بأن المجلس الذي من المفترض أن يمثل جميع أطياف المجتمع الأفغاني سيكون آلية هامة للتفاوض. وتعتبر هذه المبادرة إحدى أهم الخطوات التي اتخذها الرئيس كرزاي بهدف فتح حوار مع قيادة طالبان وهو الذي كان عرض مرارا التفاوض مع الحركة التي اشترطت رحيل القوات الدولية المحتلة أولا الأمر الذي رفضه الرئيس الأفغاني. وتقرر إنشاء هذا المجلس خلال اجتماع المجلس القبلي المعروف باسم ''جيرغا السلام'' شهر جوان الماضي بالعاصمة كابول حيث جددت السلطات الأفغانية رغبتها في فتح قنوات للحوار مع طالبان التي كثفت من هجماتها في الأشهر الأخيرة. ومن المنتظر أن يعلن عن أسماء الشخصيات التي سيضمها منتصف الشهر الحالي. ويكون الرئيس الأفغاني الذي تدهورت شعبيته بسبب الحرب من جهة واتهامه بالفساد من جهة ثانية قد قرر إنشاء هذا المجلس بقناعة أن القوة العسكرية ليست كافية وحدها لحسم الوضع المتردي في أفغانستان، وأنه يجب اللجوء إلى لغة الحوار من أجل التوصل إلى حلول مع الحركة المتمردة التي عادت لتضرب بقوة في مختلف أنحاء البلاد. وهي قناعة تدركها حتى الولاياتالمتحدة التي تقود قوات التحالف الدولي في حربها على الإرهاب في هذا البلد وما كان للرئيس الأفغاني أن يلح على الحوار مع طالبان ما لم يلق الضوء الأخضر من حليفته واشنطن. وهو الأمر الذي دفعه لإجراء اتصالات مع زعماء الحرب السابقين على غرار برهان الدين رباني وعبد الرسول سياف إضافة إلى وزراء وحلفاء سابقين من أجل بحث تشكيل مثل هذا المجلس. كما التقى أيضا ببعض أعضاء طالبان والحزب الإسلامي الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق قلب الدين حكمت يار. ويسعى الرئيس الأفغاني إلى إقناع عناصر طالبان بنبذ العنف وترك السلاح وكان سبق أن عرض عليهم وظائف في مؤسسات الدولة ومبالغ مالية هامة لكن عرضه قوبل بالرفض. وقد لا يلقى مسعى الرئيس كرزاي آذانا صاغية لدى الحركة المتمردة التي تصر على ضرورة انسحاب قوات الاحتلال الدولية وتواصل عملياتها الهجومية التي أربكت ليس فقط الحكومة الأفغانية بل حتى كل القوات الأطلسية المنتشرة في أفغانستان. فقد لقي سبعة أفغان من بينهم أربعة أفراد من عناصر الشرطة وثلاثة مدنيين مصرعهم في انفجار دراجة نارية استهدفت قافلة للشرطة الأفغانية بمحافظة كوندوز شمال البلاد والتي كانت تعد من بين المحافظات الهادئة نسبيا لكنها أصبحت مسرحا لأنشطة مسلحة تقودها طالبان منذ بداية العام الجاري. ويأتي هذا التفجير في الوقت الذي أعلنت فيه قوة المساعدة الدولية ''ايساف'' عن مصرع جندي أمريكي في هجوم مسلح في جنوبأفغانستان ليرتفع بذلك عدد قتلى القوات الدولية المنتشرة في هذا البلد إلى قرابة 500 قتيل منهم 327 جندي أمريكي منذ بداية العام الجاري. وتزامن ذلك مع كشف الجيش الأمريكي في أفغانستان عن مقتل قس عسكري برتبة نقيب في هجوم وقع يوم الأسبوع الماضي وهو أول قس أمريكي يلقى حتفه في الحروب التي تخوضها القوات الأمريكية في كل من العراق وأفغانستان.