كشف د. محمد العربي ولد خليفة أنّ تفضيل القطب الموسوعي العلامة محمد بن يوسف أطفيش لإرجاء المقاومة المسلحة ضدّ المستعمر الفرنسي في الصحراء الجزائرية بعد الدمار والقمع والتّشريد بعد انتفاضة المقراني سنة 1871 يرجع إلى الطبيعة الصحراوية للمنطقة وعزلتها النّسبية، وصعوبة الإمداد بالسّلاح والذخيرة، وحرب الكرّ والفرّ أو ما يُعرَف بحرب العصابات وحرب الفدائيين في المدن بغية تكثيف التّوعية والإعداد لإبقاء المقاومة الوطنية في العقول والقلوب. وأوضح الدكتور محمد العربي ولد خليفة رئيس المجلس الأعلى للغة العربية في افتتاحه لليوم الدراسي حول ''القطب الموسوعي محمد بن يوسف أطفيش: العلم والتّقوى وخدمة الجماعة'' أوّل أمس بفندق الأروية الذهبية في العاصمة، أنّ دعوة ''قطب الأئمة لتأجيل المقاومة لا يعني إلغاءها، بل التّحضير لها بالتّوعية والتّربية ومقاطعة العدو''. ونوّه رئيس المجلس الأعلى للغة العربية إفتاء الشيخ أطفيش بالاعتراض على الهجرة خارج البلاد لأنّه اعتبر ذلك تمكينًا للاحتلال ودعمًا مباشرًا لسطوته في بلاد الإسلام. وأشار المتحدث أنّ العلامة الموسوعي القطب أطفيش انتهج طريق الدعوة والتربية لإصلاح المجتمع، بعد سنوات قضاها في التّعلّم، حيث حفظ القرآن الكريم ولم يتعد 8 سنوات، ثمّ تعلّم العربية وأتقنها نظمًا ونثرًا ونبع في فنونها وعلومها، وتطوّع للتّعليم في بيته وهو في سن الخامسة عشرة، بعد أن حوّله إلى مدرسة، فلا جدوى من العلم في رأي الشيخ إذا لم يقترن بالعمل والتوعية وتقويم الناشئة وإعداد أجيال المستقبل. بينما الحاج محمد أطفيش، حفيد القطب الموسوعي، صال وجال في ذكر مناقب الشيخ الّذي جمع بين التّدريس والتأليف، والّتي تتجاوز الثلاثمائة كتاب، منها 70 كتابًا في العلوم الدينية، و20 في العلوم اللغوية، و15 في العلوم الفلكية والطبيعية، والباقي في شتى العلوم والفنون، بالإضافة إلى العديد من المراسلات، مشيرًا إلى أنّ الشيخ أطفيش ألّف نظمًا لكتاب مُغني اللّبيب لابن هشام في 5000 بيت. من جهته د. محمد عيسى موسى في مداخلته لم يخرج عن إطار السيرة الذاتية للعلامة القطب أطفيش، حيث جاءت على شكل فقرات قصيرة ذات نسق متّزن. أمّا الأستاذ عمر داودي، فأوضح أنّ القطب أطفيش جدّد أسلوب الاجتهاد وكسّر القيود وصحّح المفاهيم من خلال منهجه الواضح في نبذ التّعصّب والأخذ بأقوال المخالفين وتفتّحه على المذاهب الإسلامية. بينما توقّف الدكتور عمار طالبي نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عند عدّة محطات مهمّة من حياة القطب الموسوعي أطفيش، وخاصة مساعيه للتّنسيق بين الدول المغاربية -الجزائر وتونس والمغرب- متأثرًا في ذلك بالحركة السياسية الّتي نشأت في عهد الأمير خالد نجل الأمير عبد القادر الجزائري. تجدر الإشارة إلى أنّ الشيخ محمد بن يوسف أطفيش الملقّب ب''القطب''، وُلد سنة 1821 ببلدية غرداية، عاش يتيم الأب تحت كفالة أمّه وإخوته، وعانى شظف العيش وسوء الحال، حفظ القرآن الكريم وعمره لا يتجاوز 8 سنوات، واشتغل بالتدريس في سن ال15 سنة، وقضى عمره في سبيل الله على ثلاث وجهات، إصلاح المجتمع، خدمة العلم وجهاد المستعمر الفرنسي. وتوفي سنة 1914م عن عمر يناهز 96 سنة.