حلّ الجزائري لامين عريف قبل عقدين بلوزان السويسرية، وهناك في المدينة الهادئة المترامية أسفل سفح جبال الألب، أسس لامين العاصمي حياة جديدة إلى جانب شريكة حياته الإيطالية التي أخذت ''دروسا مكثفة'' لدى حماتها، لتحضر بإتقان ''الكسكسي'' و''الشوربة''، سيدة المائدة الرمضانية. يتقاسم لامين مع شريكة حياته أعباء تحضير مائدة الإفطار الرمضانية. ففيما تتكفل زوجته ب''الشوربة''، تكون باقي الأطباق من إبداعه، خاصة سلطة الفلفل (الشليطة) التي يعشقها لامين الذي يتواجد بيته العائلي بالقرب من البريد المركزي بالجزائر الوسطى في قلب العاصمة. ويمضي لامين يومياته الرمضانية بين العمل وبيته، فيما يخصص وقتا قصيرا للسهرة مع أصدقائه من أبناء الجالية الجزائرية، مردفا: ''الليل قصير جد، ولأني مضطر للاستيقاظ في وقت مبكر للتوجه إلى عملي، فلا مجال للسهر إلى وقت متأخر''. ويجد لامين في نهاية الأسبوع فرصة للاستراحة من جوّ العمل، حيث يحرص على معايشة روحانية الشهر الفضيل، فيقصد المسجد لصلاة التراويح، كما يتبادل الزيارات مع رفاقه من أبناء الجالية الجزائرية في لوزان السويسرية. وإن كانت يوميات لامين الرمضانية تتشابة منذ حلوله بسويسرا، فهي ليست كذلك هذه السنة، حيث يعيش لحظات استثنائية بنزول والدته ضيفة عليه، وازديان فراشه بمولوده الثاني الذي اختار له من الأسماء سليم، لتحلّ ''الطمينة'' محل قلب اللوز والزلابية في سهراته الرمضانية. يقول محدثنا: ''رمضان هذه السنة يحمل نكهة خاصة، فوالدتي نقلت إليّ أجواء ريحة البلاد بوجودها إلى جواري، وأشعر أنني كالملك على مائدة الإفطار بتذوق أطباق تبدعها أناملها''. ورغم أن لامين يحرص على أن يتحول بيته إلى قطعة مهرّبة من الجزائر في الشهر الفضيل تحديدا، وكذا تعوّده على المدينة السويسرية الهادئة، إلا أنه يحنّ لأجواء شهر الصيام في الجزائر، وصخب سوقي ''ميسونيي'' و''كلوزال''، حيث دأب على التسوق كلما حلّ بالجزائر. ويواصل محدثنا: ''رمضان في الجزائر له طعم آخر، أحنّ لحركة الناس في السوق والشارع، التعب البادي على الوجود ورائحة الشوربة التي تعبق كل البيوت.. هي أجواء أفتقدها ولم أجدها في أي مكان غير الحومة''.