دعت منظمة ''فريدوم هاوس'' الأمريكية غير الحكومية، الجزائر إلى اتخاذ تدابير جدية تمكن من إجراء انتخابات نزيهة وشفافة، كما طالبت الحكومة بالسماح للبرلمان بمباشرة رقابة حقيقية على الجهاز التنفيذي ورفع اليد على قطاع العدالة. وأوضحت ''فريدوم هاوس'' التي تعنى بالأوضاع السياسية والاقتصادية والحقوقية في العالم، في تقريرها السنوي حول إشاعة الديمقراطية في العالم، أنه يتعين ''على البرلمان الجزائري أن تكون له القدرة والأهلية على مراقبة أنشطة الحكومة، بكل استقلالية''. ورسمت المنظمة صورة بمضمون أقل بكثير مما تنوي السلطات القيام به في سياق الإصلاحات التي أقرها الرئيس بوتفليقة. فبخصوص دور البرلمان كهيئة رقابة على الجهاز التنفيذي، أشارت المنظمة إلى أن هذا الدور غائب لدى برلمان الجزائر، إذا ما تم الأخذ بالحسبان التوصيات ''الملحة'' التي أوردتها في خاتمة تقرير جديد تناول المشهد السياسي الجزائري بكثير من القتامة، بينما حث التقرير على اتخاذ ما يمكن لضمان انتخابات تشريعية حرة ونزيهة، بعيدة عن التزوير والاستفزاز، نتاجها برلمان قادر على أداء الدور الرقابي المنوط به، وشددت على الحكومة ضمان ممارسة الأحزاب والمترشحين لحقوقهم كاملة، خاصة بعد قرار السلطات رفع حالة الطوارئ، بينما رأت ''فريدوم هاوس'' أن رفع حالة الطوارئ يبقى غير كاف إذا لم تتخذ الحكومة تدابير عاجلة تمكن من تأسيس الأحزاب والجمعيات وتتيح للنشطاء ممارسة حقوقهم السياسية تحت لوائها، بكل حرية. في سياق مماثل، اعتبرت المنظمة التي تتخذ من واشنطن مقرا لها، أن الحرية النقابية غير مكفولة في الجزائر بما يكفي للناشطين من التعبير عن انشغالاتهم وتنظيم الاحتجاجات السلمية، وذلك بناء على شكاوى لنقابيين من الداخل، بينما حثت المنظمة الحكومة الجزائرية على رفع اليد عن النقابيين والترخيص للنشاط النقابي العمالي. كما شددت على ضرورة ''توضيح صلاحيات أجهزة الأمن وخاصة المخابرات''. وطالبت فريدوم هاوس، ب''ضمان استقلالية العدالة''، وحماية جهاز القضاء من النفوذ. كما توجهت إلى الحكومة بالدعوة إلى محاسبة المسؤولين الأمنيين خلال مرحلة الإرهاب. اقتصاديا، رأت المنظمة أن مبدأ الشفافية في تسيير الشؤون الاقتصادية غير مطبق بالشكل الأنسب، وحثت على تطبيق القانون فيما يتصل بهذا المبدأ، وتوضيح وجهات صرف أموال الدولة والشفافية في توزيع الميزانية، مع تحديد أولويات التنمية. والملاحظ بالنسبة للتقرير الجديد لمنظمة فريدوم هاوس، أنها عادت إلى قضايا سبق وأن تناولتها في تقاريرها نهاية التسعينات، خاصة ما تعلق بتوضيح وتحديد مهام أجهزة الأمن، واستقلالية العدالة، والحريات النقابية. علما أن تقارير المنظمة خلال الأعوام القليلة الماضية، تناولت الوضع في الجزائر، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، بصيغة ''ألطف''، ما يحمل على الفهم بأن مضمون التقرير الجديد حمل خلفية الحاصل في المنطقة العربية، وفقا لآراء تفيد بأن الجزائر ليست بمنأى عن تحولات تشهدها المنطقة العربية، حتى وإن كانت تصريحات لمسؤولين غربيين، على غرار البريطانيين، تفيد أن الجزائر بعيدة عن إرهاصات الثورات العربية.