شد انتباهي خبر رفض السفير التونسي السابق في ''اليونسكو'' مصافحة سفير قطر في نفس المنظمة، ومخاطبته ''أنتم دمرتم تونس ومصر وليبيا، وتبثون الشقاق في سوريا وتتآمرون على الجزائر''. واستوقفني قوله ''لدي معلومات أنه سيقع التركيز على الجزائر في المرحلة القادمة''. بغض النظر عن مدى صحة المعلومة، أحسست برغبة في استغلال هذا الفضاء لإعلام من يريد التركيز علينا بأن الشعب الجزائري غير معني، لا بالربيع العربي ولا بشعار ''إسقاط النظام''، ولا ينساق وراء المؤامرات الدنيئة، ولا يقبل الإملاءات من أي جهة كانت، لأن أولوية مشاكله ليست مع النظام الذي لا يستطيع أي كان أن يشكك في وطنيته أو يتهمه بالعمالة. مشاكل الجزائري معروفة، وتتعلق بالشغل والسكن والطرقات والعدالة وغيرها، وحلولها ترتبط أساسا بقضايا تسيير بحت، والبلاد تتوفر على الإمكانيات المادية والطاقات البشرية الكفأة القادرة على تجاوزها. إن الجزائري يقدّر جيدا قيمة السلم الذي ينعم به اليوم، لأنه عاش لسنوات ويلات العنف والقتل والتخريب، ولن يسمح لأي جهة بأن تعود به إلى وضع مشابه لما كانت عليه تلك السنوات. صحيح أن الفساد مستشر في الكثير من الإدارات، والرشوة والمحسوبية منتشران بشكل كبير والعدالة غائبة في الكثير من الأحيان، لكن المواطن الجزائري على قناعة تامة بأن القضاء على هذه الآفات يكون بالنضال اليومي والسلمي، دون إملاءات من الجهات الخارجية التي لا تتدخل في أي منطقة حبا في مواطنيها أو دفاعا عنهم، بل خدمة لمصالحها المادية وإستراتيجياتها الجيوسياسية. إن المجتمع الجزائري يعرف ديناميكية كبيرة في السنوات الأخيرة، والمواطن في نضال مستمر، يحتج ويندد ويطالب ويقترح، ويفرض بصفة تدريجية حلولا لمشاكله، ويرفض ركوب حصان المغامرة الأعمى الذي يقود إلى ما لا تحمد عقباه. نحن مقبلون على انتخابات تشريعية، في ظل إصلاحات باشرتها السلطة، ويراها الكثير من المواطنين غير كافية، لكن الجميع على قناعة بأنها ستشكل، على الأقل، بداية للتغيير الذي ستجسده وتعمقه وتفرضه نضالات المواطن اليومية. أخيرا أقول لمن يريدون التركيز علينا رهاناتهم مآلها الخسارة، لأن نضالات الشعب الجزائري والمحن التي مر بها، أعطته اللقاح وأكسبته مناعة ضد روح المغامرة.