تعيش أغلب الشواطئ المحروسة بولاية جيجل، منذ بداية موسم الاصطياف، حالة من الفوضى، كانت قد برزت باحتشام خلال موسم السنة الفارطة، وازدادت حدّتها هذه السنة، إلى درجة أفقدت المنطقة هدوءها الذي كان يميّزها عن باقي الولايات الساحلية. الكثير من المصطافين الذين اعتادوا التردّد على شواطئ الكورنيش الجيجلي كل موسم، تفاجأوا هذه السنة بتحوّل أجزاء كبيرة من هذه الفضاءات السياحية إلى ما يشبه ملكيات خاصة، حيث وبعيدا عن المساحات المستغلة عن طريق عقود الامتياز وعلى قلتها، اشتكى المتردّدون على هذه الشواطئ من سيطرة مجموعات من الشباب عليها بطرق غير مشروعة بعد تسييجها، وإقدامهم على فرض مبالغ مالية مقابل السماح لهم بالدخول واستغلال المساحات الرملية. وأشار مصطافون إلى أنهم وجدوا أنفسهم في بعض الشواطئ مرغمين على دفع مبالغ مالية وصلت إلى 800 دينار، لقضاء ساعات من الاستجمام، بدءا بتكاليف التوقف في حظائر فوضوية وغير مرخصة، وصولا إلى طلب دفع مبالغ لدخول مساحات رملية غير مدرجة في المساحات الممنوحة عن طريق الامتياز لمستغلي الشواطئ، حيث قال أحدهم: ''لقد أحضرت كل مستلزمات الجلوس رفقة عائلتي في الشاطئ، من شمسية وكراس، لكنني تفاجأت يفرضون عليّ دفع مبلغ 200 دينار مقابل حجز مكان فوق الرمال، فما كان عليّ سوى مغادرة المكان''. وامتدت هذه الفوضى، في الأيام الأخيرة، إلى بعض الشواطئ الصخرية التي اعتاد المصطافون الإقبال عليها، والتي تم تسييجها هي الأخرى، وكذا بعض شوارع المدينة التي أصبحت تعيش تحت سيطرة بعض الشبان، ممن يرغمون أصحاب السيارات على دفع أموال مقابل التوقف بها، في ظاهرة لم تكن تشهدها الولاية من قبل. هذه الوضعية أصبحت تتسبب يوميا في حدوث شجارات بين المصطافين وبعض الشبان ممن يلجأون إلى فرض غرامات الدخول إلى الشواطئ، ما دفع عائلات إلى الفرار، وسط أجواء تنذر بحصول اعتداءات على المصطافين ممن يرفضون الرضوخ لرغبات هؤلاء الشبان، مثلما حصل خلال الموسم الماضي، حيث تعرّض بعض زوّار الولاية لاعتداءات بالأسلحة البيضاء، بعد رفضهم دفع الأموال المطلوبة منهم. وأمام ما يحصل من فوضى في الشواطئ المحروسة، لاسيما تلك التي تتواجد عبر الساحل الممتد من مدينة جيجل إلى غاية مدينة العوانة، وعدم تدخل السلطات لوقف الظاهرة، رغم الشكاوى العديدة للمصطافين وطرح القضية على والي الولاية من طرف أعضاء المجلس الشعبي الولائي خلال الدورة الأخيرة، قرّرت الكثير من العائلات، لاسيما الجيجلية منها، مقاطعة الشواطئ المحروسة، ولجوئها إلى الاصطياف في الشواطئ غير المحروسة، باعتبارها تبقى تحافظ على هدوئها وطابعها المحافظ. في حين تأسفت عائلات أخرى، اعتادت قضاء عطلتها بالمنطقة، لفقدان عاصمة الكورنيش لحرمتها التي كانت تميّزها، وأشارت إلى بروز بعض الظواهر التي كانت إلى وقت قريب غريبة عن المنطقة، على غرار تجوّل الشبان بلباس السباحة في شوارع المدينة.