تنقلت المجموعة الثانية من الدبلوماسيين الجزائريين المختطفين، منذ بداية شهر أفريل الماضي، عبر الحدود الفاصلة بين الجزائر وإقليم أزواد، يوم الخميس الفارط، تحت إجراءات أمنية مشددة. ونقلت من هناك بطائرات هيلكوبتر إلى قاعدة جوية في تمنراست. قال مصدر أمني إن 14 سيارة رباعية الدفع عبرت الحدود الجزائرية المالية تحت تغطية جوية مساء يوم الخميس الماضي، ويعتقد أنها كانت تنقل باقي أفراد البعثة الدبلوماسية الجزائرية في قنصلية الجزائر بمدينة غاو المالية. وشوهدت السيارات التي كان أغلبها بلون بني فاتح وبعضها سيارات مصفحة تعبر الحدود عبر طريق غير معبد في منطقة ''كويون'' قرب مدينة تينزاواتن. وكان ضمن السيارات سيارتا إسعاف عسكريتين. وحملت سيارات أخرى مصفحة عناصر من وحدة نخبة قوات التدخل التابعة للأمن ''جيس''، ويعتقد بأن الموكب كان يحمل الدفعة الثانية وربما الأخيرة من الجزائريين المختطفين من قبل حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، ولم تؤكد مصادرنا أو تنفي بقاء عدد من الدبلوماسيين لدى جماعة تارفية مسلحة متحالفة مع حركة التوحيد والجهاد، ويرجح أن جميع الدبلوماسيين الجزائريين تم الإفراج عنهم. في سياق متصل يتعاون موظفو قنصلية الجزائر في غاو المالية الثلاثة المفرج عنهم مع محققين من أجهزة الأمن والخارجية الجزائرية، في إطار فريق تحقيق حول الأضرار الأمنية التي نتجت عن اقتحام القنصلية الجزائرية في غاو واحتجاز طاقمها الإداري والأمني لأكثر من شهرين. وقالت مصادرنا إن بقاء الفريق الدبلوماسي لدى مصالح الأمن جاء في إطار تعاون موظفي القنصلية مع التحقيق الذي أمر به رئيس الجمهورية مباشرة بعد الإعلان عن عملية الاختطاف للوصول إلى الثغرة الأمنية التي سهلت وقوع فريق موظفي القنصلية الجزائرية في مدينة غاو في يد جماعة التوحيد والجهاد. وأفادت نفس المصادر أن أهم ما تبحث عنه مجموعة التحقيق التي تشكلت بتعليمة رئاسية وضمن خبراء من مصالح الأمن والخارجية الجزائرية، هو حجم الضرر الأمني الذي تسببت فيه عملية الاختطاف. وقالت مصادرنا إن موظفي القنصلية كانوا قد تخلصوا قبل يومين من اقتحامها، من أهم الوثائق ذات الطابع الأمني الموجودة في القنصلية، كما دمّروا في إطار إجراء أمني أجهزة الكمبيوتر وخربوا محتوياتها، وهو ما قلص الخسائر الأمنية، لكن المخاوف الأهم هي ما حصل عليه الخاطفون من معلومات ذات طابع أمني أثناء استجواب الدبلوماسيين الذين كانوا في حالة نفسية وصحية شديدة السوء. ويعمل فريق التحقيق للتأكد من الجهة التي أدت إلى تأخير إخلاء القنصلية من موظفيها، رغم وجود إنذار تمثل في اقتراب الفصائل الأزوادية المسلحة ومسلحي الجماعات السلفية الجهادية من مدينة غاو. وقد اضطرت وزارة الخارجية وبعض الهيئات مباشرة بعد وقوع عملية الاختطاف لتغيير بعض الإجراءات الأمنية خوفا من استغلال الإرهابيين للمعلومات الثمينة التي كانت لدى موظفي الخارجية الجزائرية المختطفين. ومعروف أن أي سفارة أو قنصلية في العالم تضم ضباطا من الأمن في إطار جهاز الملحق العسكري الذي يعمل على متابعة التعاون الأمني والعسكري بين الدول، كما تتوفر أي تمثيلية دبلوماسية على معلومات قيّمة حول مراسلات الخارجية بالإضافة إلى جهاز تشفير الاتصالات اللاسلكية. وقد عمدت أجهزة الدولة مباشرة بعد وقوع عملية الاختطاف إلى تغيير تردد الاتصالات وكذلك الشيفرة كإجراء أمني.