السائر في شوارع الكثير من بلديات العاصمة وأحيائها هذه الأيام ينتابه، لا محالة، شعور بشع بالمهانة والدونية والخجل، من شوارع ضاعت ملامحها وسط أكوام القاذورات التي تزداد ارتفاعا يوما بعد يوم. وبغض النظر عن السبب الذي يجعل العاصمة، وهي المدينة المتوسطية الكبيرة والشهيرة، تحتفل بخمسينية الاستقلال غرقا في الأوساخ، والذي قد يكون إضرابا لعمال النظافة أو إهمالا من المصالح المحلية. وبغض النظر أيضا عن تبعات هذا المشهد المشين، على جمال المدينة وعلى صحة سكانها ومرتاديها، وعلى سمعتها وترتيبها بين قريناتها من عواصم العالم.. بغض النظر عن كل هذا فإن أكوام الزبالة هنا وهناك تحمل داخل أكياسها الكثير من معاني السياسة ومؤشرات الحكم. منظر العاصمة اليوم يؤكد لنا مرة أخرى بأن الجزائر لا تستطيع حمل شيء بإمكانه أن يشفع لسلطة لم تعد قادرة على فعل شيء.. لم تعد قادرة على قضاء أبسط حاجات المواطن، فما بالك بأعظمها؟ هذه السلطة الفاشلة كانت بالأمس القريب عاجزة عن توفير السكن وعن تصليح الطرقات وعن امتصاص البطالة وعن ضمان تعليم نوعي لرعاياها وعن توفير الأمن والأمان لهم، لكنها اليوم صارت عاجزة عن تشكيل الحكومة وعن توفير الدواء للمصابين بالسرطان والتطعيم للأطفال وخيط الجراحة للمصابين، وعن التحكم في سعر الزيت والسكر والبطاطا، وعن تنظيم احتفالات محترمة بخمسينية الاستقلال. هذه السلطة صارت عالة على المجتمع، لأن نفعها في السابق كان أكبر من ضررها، أما اليوم فلم يعد فيها ما ينفع، وعليه وجب القول بأن العاصمة ستكون أجمل وأبهى لا محالة عندما تتخلص من قاذوراتها، التي وجب حملها وحرقها أو رميها بعيدا.. بعيدا، لأن منظرها يجرح العيون ورائحتها تزكم الأنوف، وكذلك الأمر بالنسبة لهذه السلطة التي ما دامت جاثمة على صدر المجتمع بعجزها وفشلها وغياب الحد الأدنى من الكفاءة فيها، فإن الجزائر لن تعرف هدوء ولا تنمية ولا استقرارا ولا رقيا.