أرجأ الكثير من الجزائريين عطلتهم السنوية إلى ما بعد رمضان، بعد أن أخذوا وقتا مستقطعا في شهر الصيام الذي تزامن مع أوج موسم الاصطياف، قبل أن يشدوا رحالهم مباشرة بعد حلول العيد إلى الوجهات التي اختاروها مسبقا. استهلت الخطوط الجوية الجزائرية وشركات الطيران الأجنبية برنامجها بعد رمضان، بأجندة مغلقة ورحلات دون أماكن شاغرة تمتد في بعضها إلى نهاية شهر سبتمبر، للتمتع بشواطئ أغادير المغربية أو أنطاليا التركية أو حتى أليكانت الإسبانية. فبوكالة الخطوط الملكية المغربية بديدوش مراد، كان صعبا حتى إيجاد مكان شاغر للجلوس في قاعة الانتظار، أمام التوافد الكبير للراغبين في حجز أماكن على متن خطوطها، فكانوا أزواجا، شبابا وحتى عائلات بأكملها. المغرب.. أولا وفي حديثه إلينا، ذكر أحد الموظفين في الوكالة أنه لا توجد أماكن شاغرة على متن الخطوط الجوية الجزائرية إلى غاية 28 سبتمبر، مؤكدا أن الرحلات المبرمجة يومي العيد أقلعت ممتلئة عن آخرها، مواصلا: ''أتصدقين، حتى في الأيام الأخيرة من رمضان كانت الرحلات ممتلئة، فالكثير من العائلات برمجت عطلتها قبل شهر رمضان، ولم تجد مانعا في قضاء عيد الفطر بعيدا عن الديار''. ونحن في قاعة الانتظار، لمحنا زوجين رفقة طفلتين دون الخامسة، راحا يسألان عن إمكانية حجز رحلة إلى المغرب الأسبوع المقبل، غير أنهما خرجا خائبين بعد أن أكدت لهما إحدى الموظفات أن لا أماكن شاغرة، وأن عليهم انتظار شهر أكتوبر أو الاتصال من حين لآخر للتأكد من إلغاء أحدهم لحجزه. وهما يهمان بالمغادرة استوقفتهما لأسألهما عن سبب اختيارهما العطلة في هذا الوقت بالذات، لتبادرني الزوجة بأنه كان صعبا السفر في شهر جوان بسبب مناسبات عائلية واستحالة السفر في شهر رمضان، مواصلة: ''لا يمكنني ترك بيتي في شهر رمضان، ففكرنا في زيارة المغرب لأسبوع قبيل الدخول المدرسي كوني أشتغل في التعليم، لكن يبدو أن حلمنا قد تبخر''. وأردف زوجها يقول إنه كان يفضل زيارة تونس برا مثلما تعوّد كل سنة ''غير أن الوضع غير المستقر الذي تعرفه البلاد، منعني من ذلك، فلا يمكنني المجازفة بحياة عائلتي وصغيرتاي''. رحلات ''الجزائرية'' ممتلئة لكل الوجهات لم يختلف الأمر كثيرا في وكالة زناتة للسفر في شارع ديدوش مراد أيضا، وطيلة تواجدنا هناك لم يتوقف الهاتف عن الرنين لطلب حجز رحلات إلى خارج الوطن، دون الحديث عن الرحلات التي حجزت قبل وأثناء شهر رمضان. تقول مسيرة الوكالة: ''لم نتوقف عن العمل حتى في شهر رمضان لاستكمال برنامجنا ولو أنه لم يكن بالكثافة نفسها خارج أيام الصيام، ومباشرة بعد عيد الفطر بدأت الرحلات تقلع ممتلئة عن آخرها''. وعن الوجهات التي يفضلها الجزائريون، أكدت محدثتنا أن تركيا لم تفقد بريقها ولاتزال الوجهة المفضلة تليها المغرب، فرغم أن الحدود البرية مغلقة، إلا أن الجزائريين يقبلون على زيارة شواطئ أغادير وقصور مراكش والرباط، رغم أنه يصعب إيجاد رحلات شاغرة على متن الخطوط الجوية الجزائرية أو الخطوط الملكية المغربية. وبمقر المديرية العامة للخطوط الجوية الجزائرية، اصطف الزبائن في طابور إلى غاية المدخل. وفي حديثنا إلى إحدى الموظفات، أكدت أنهم يعملون تحت ضغط كبير، حتى في شهر رمضان ''ولو أنه بلغ ذروته مباشرة بعد حلول العيد..أتصدقين أحيانا أفكر أن البلد خلت من ساكنيها من كثرة المسافرين، فالطائرات تقلع ممتلئة عن آخرها إلى كل الوجهات.. فرنسا وإسبانيا إلى المغرب وتركيا وغيرها''. وبالفعل هذا ما وقفنا عليه في حديث مع الزبائن، كان بينهم عائلات اختارت برمجة سفرها إلى تركيا والمغرب على وجه التحديد، قبل موعد الدخول المدرسي، ومنهم زوجان من دالي إبراهيم بالعاصمة، كانا ينتظران تذاكرهما إلى تركيا. يقول الزوج، وهو إطار في الشرطة ''أنا متعود على السفر خارج الوطن لطبيعة عملي، غير أنها المرة الأولى التي سترافقني فيها زوجتي وأبنائي الثلاثة، فسابقا لم تكن إمكاناتي المادية تسمح لي بذلك، لكني وفرت مخلفات الزيادة التي استفدت منها لهذا السفر، وهو أكبر هدية لابنتي التي حققت حلمي في الالتحاق بكلية الطب''. وأضاف المتحدث أنه أرجأ عطلته إلى ما بعد رمضان، بسبب انتظار نتائج البكالوريا، ثم ضغط العمل في رمضان، مواصلا: ''إنها أفضل فترة، سنسترجع أنفاسنا بعد إرهاق سنة وتعب شهر رمضان''. أما بوكالة ''ميلي أسفار'' فاختلف الأمر، إذ أكدت مسيّرتها أن برنامج الرحلات المنظمة التي برمجتها الوكالة لشهر الصيف، لم يأت بالنتائج المرجوة، مواصلة: ''صحيح أننا نعمل طيلة اليوم ونستقبل الزبائن، غير أن الأمر لا يتعدى الاستفسار والسؤال فقط، فالجزائريون غير متعودين على ترك بيوتهم في شهر رمضان، وميزانيتهم استنزفت في العيد''. وأضافت المتحدثة أن الوكالة عوّلت على برنامج رحلات منظمة إلى الهند، غير أن الإقبال كان ضعيفا جدا، مواصلة: ''تركيا لاتزال تغري الجزائريين بسبب الدراما التركية، ربما سننال حظنا مع بداية وصول الدراما الهندية''، تضيف ضاحكة.