ياسعد لقد أوردتها ولم تكن أبدا مشتملا، يا سعد أنت المتبقي في عالم السلطة الرابعة ولكنك ياسعد أتعبتنا وأتعبت نفسك حين امتطيت جوادا ورحت تسابق هذه السلطات التي مارستها، فانتقلت من ولاية ولم تستقر على حال ولم نعرف نحن الأتباع أي خط تسير عليه وأي اتجاه أنت فيه. حاولنا في كل مرحلة من مراحل تسلّطك في هذه السلطة أن نعثر على موقف لك في رحلاتك هذه التي لا تثبت على حال، فوجدنا أنفسنا نتبع وهما وسرابا. ياسعد إذا سبك وشتمك هؤلاء المواطنون الذين هم من جمهوريتك ”فلقد تضيق بكحلها الأهداب”، كما قال من ترحمت عليه. ياسعد كنا نتمنّى أن نراك في خندق واضح: يساريا أو يمينيا أو تروتسكيا أو اسلامويا أو برغماتيا، فلم نجدك إلا أنك وزعت قلمك بين هؤلاء، فكل من يدّعي بأنه اكتشف عطر الإيديولوجيا الذي تصنعه يكذب، وكل من يدّعي بأنه تحصل على مشط العاج الذي تسرح به مسارك السياسي يكذب، وكل من يدعي بأنه اكتشف نوع الرجال الذين تميل إليهم أو تأنس بهم يكذب، وكل من يدّعي بأنه صادفك في نزل اليتامى والفقراء يكذب، وكل من يدّعي بأنه اصطحبك إلى صالونات السادة والأشراف يكذب يكذب، فمن أي جنس أنت يا سعد؟ فهذا كلام من استشهدت به يا سعد.. يا سعد ألم تكن يوما سردوكا؟ فما بل السردوك عندنا يغيّر توقيت صياحه؟ أم أن الحال ليس هو الحال ياسعد.. فلم أنت متحف مغلق ياسعد؟ ابن الصحراء سيدي بلعباس الجزائر عندما يصبح لي لون محدد انتهي كصحفي وأصبح رجل سياسة في حزب معين، مع الأسف الشديد مصيبة الصحافة الجزائرية في مجال المهنية هي هذا التخندق السياسي اللامهني الذي تدعونني إليه، فلم تتطور الصحافة الجزائرية مهنيا بالمستوى المطلوب، لأنها سمحت لنفسها بأن تكون منابر سياسية لهذا الاتجاه السياسي أو ذاك، فابتعدت عن المهنية وغرقت في أوحال الفساد مع السياسة والسياسيين! ما ذكرته يا ابن الصحراء من أنني ”صحفي زلالي هلامي لا لون لي ولا طعم ولا رائحة”، لا يشينني، بل هذا الذي ذكرته شرف لا أدّعيه.. فهو بالمقياس المهني وسام علّقته على صدري دون أن تدري! أو ربما تدري! أنا لست بالمتحف المغلق.. بل أطمح لأن أكون متحفا مفتوحا على قيم الشعب الجزائري بكل اتجاهاته، وهي الرسالة التي تحاول جريدة ”الخبر” أداءها بقدر من المهنية، ظاهرها اللاموقف وعمقها الانحياز الكامل للمهنية الصحفية والصدق والمصداقية قدر الإمكان. الجزائر حسناء.. يراها أحدهم بالحجاب ويراها غيره ”بالمايوه”، ويراها ثالث بالحايك أو الملاءة.. والصحفية المهنية والصحفي المهني هو الذي ينقل كل وجهات النظر هذه دون أن يكون له مواقف مسبقة من رأي أي واحد منهم.. في سياق الخبر، أما في سياق التعليق فذاك أمر آخر. وشكرا على إثارة هذه القضية.