تعطي النشرة الطبية الخاصة بحالة الرئيس الصحية تفسيرات عدَة، أهمها أن إصابة الرئيس ليست بسيطة ولا هينة ولا عابرة كما ذكر الطبيب رشيد بوغربال في البداية، وبعده الكثير من المسؤولين، بل الرئيس مريض بسبب تعرضه لنوبة دماغية أصابت واحدة أو بعضا من وظائفه الحسية. عندما يذكر الطبيبان العسكريان في النشرة أن الرئيس يقضي فترة تأهيل وظيفي، يعني أن الإصابة كانت قوية. لكن الحلقة المفقودة في هذه الجزئية الهامة في مرض الرئيس، هو درجة خطورة الإصابة في وظائفه بما يجعله عاجزا عن الاستمرار في الحكم، أو قادرا على النشاط كما كان في السابق، ولو بوتيرة ضعيفة. وبما أن النشرة لم توضح هذه الجزئية، فالغموض يبقى سائدا في قضية مرض الرئيس واحتمال عودته إلى ممارسة مهامه. وقد نقلت النشرة الطبية الخاصة، المهتمين بتطورات أزمة الرئيس الصحية، من وضع إلى آخر مغاير تماما للأول. ففي 27 أفريل “تعرض الرئيس لنوبة إقفارية عابرة لم تترك آثارا”، وقيل إن حالته تستدعي الراحة بعد أن خضع لفحوصات طبية. ولم يقل أحد يومها إن الفحوصات التي أجريت له كانت بمستشفى عين النعجة، وأن قرار تحويله إلى “فال دوغراس” اتخذ بهذا المستشفى ومن طرف طاقم طبي عسكري. وفي نفس اليوم صرّح سلال ببجاية أن الرئيس “تعرض لوعكة صحية خفيفة وحالته لا تدعو إلى القلق”. ثم انتقل خطاب سلال من “الرئيس يتعافى وسيصبح مرضه ذكرى سيئة”، إلى “الرئيس يبدو في صحة جيدة” بعدما زاره أول أمس في المستشفى” !!!. وما يلفت الانتباه أن النشرة الطبية جاءت بعد 45 يوما من سفر الرئيس للعلاج، وهذا الرقم منصوص عليه في المادة 88 من الدستور كأحد عناصر تفعيل حالة شغور منصب الرئيس، بسبب العجز الصحي. فهل كان ذلك محض صدفة أم له دلالة معيَنة؟! وهل النشرة ثم الزيارة التي قام بها سلال وڤايد صالح، مقدمة لاتخاذ قرارات معينة في المستقبل؟ ولا تذكر الوثيقة الطبية ما إذا كان الطبيبان العقيدان صحراوي ومترف رافقا الرئيس منذ تنقله إلى “فال دوغراس”، أم التحقا به في “لزانفاليد” لمتابعة فترة تأهيله الوظيفي. ثم لماذا يتابع حالة الرئيس طبيب عسكري وليس مدنيا؟ لماذا لم يواصل بوغربال التكفل بالرئيس وهو من فحصه أول مرة ؟ هل يعني ذلك أن المؤسسة العسكرية حرصت على أن تشرف هي على ملف الرئيس الصحي؟ وهل لذلك علاقة باحتمال التحضير لسيناريوهات في حال تأكد عدم قدرة بوتفليقة على الاستمرار في الحكم؟ ويؤكد “تأخر” زيارة سلال وڤايد صالح للرئيس بوتفليقة، لمدة 74 يوما، بأن حالته لم تكن تسمح من قبل. ومن الغريب أن يؤدي الزيارة رئيس أركان الجيش بدل الوزير المنتدب للدفاع، الذي يشغل منصبا سياسيا وهو عضو بالجهاز التنفيذي. وفي مثل هذه الحالات يفترض أن يكون وزيرا السياحة والخارجية ضمن الزائرين. ولكن لماذا الحاجة إلى التنقل إلى مكان علاج الرئيس بفرنسا، لعقد جلسة عمل معه ولمدة ساعتين، لبحث أوضاع البلاد، ما دام بوتفليقة يتابع الأحداث ويعطي التوجيهات والتعليمات انطلاقا من المستشفى كما صرح به مدلسي وسلال؟ وهل يمكن صحيا أن يشتغل الرئيس ساعتين مع وزيره الأول، وهو يستعد للدخول في فترة تأهيل وظيفي بعد الإصابة بنوبة دماغية أقعدته شهرا ونصف ؟ !! والأهم من ذلك لماذا لم تبث صور عن الزيارة في اليوم الذي جرت فيه، فيظهر الرئيس يتحدث مع زائريه؟ هل رفض بوتفليقة (أو عائلته) الظهور في صورة تثير الشفقة بسبب حالته؟