يحتاج المؤمن حاجة شديدة إلى الصّبر عند ورود البلايا من الشّدائد والمصائب، والفاقات والأذيّات، بأن لا يجزع إذا نزل به شيء منها، بل يطمئن ويتوقر، ولا يضيق ولا يتضجّر، ولا يشكو إلى الخلق، بل يرجع إلى اللّه بخشوعه وخضوعه، ودعائه وتضرّعه، ويحسن الظن بربّه، ويعلم يقينًا أنّ اللّه تعالى لم ينزل به ذلك البلاء إلاّ وله فيه خير كثير من رفع الدرجات، وزيادة الحسنات، وتكفير السّيئات، كما وردت بذلك الأخبار الشهيرة الكثيرة. وقال عليه الصّلاة والسّلام: ”ما يُصيب المؤمن من نَصَب ولا وَصَب ولا هَمٍّ حتّى الشّوْكَة يُشَاكُها إلاّ كفَّر اللّه به من سيّئاته”، متفق عليه من حديث أبي سعيد وأبي هريرة رضي اللّه عنهما. ويحتاج المؤمن إلى الصّبر حاجة شديدة عند فعل الطّاعات، بأن لا يكسل عنها، وبأن يؤدّيها كما أمره اللّه من كمال الحضور مع اللّه فيها، والإخلاص للّه، وأن لا يكون بها مرائيًا، ولا متصنِّعًا للخلق، ومن شأن النّفس التثاقل عن الطّاعة، والتّكاسل عنها، فيحتاج العبد إلى إكراهها على ذلك بحسن الصّبر.