الإسلام والهجرة واللاأمن.. وقود الحملات الانتخابية لليمين المتطرف ولغيره سياسيو فرنسا يعتقدون أن الإسلام خطر على فرنسا وعلى أوروبا أكد رئيس مركز محاربة الإسلاموفوبيا في فرنسا، عبد اللّه زكري، أن التصرفات المعادية للإسلام والمسلمين في فرنسا في تزايد مستمر، مضيفا في هذا الحوار ل«الخبر"، أن الإحصائيات التي تم رصدها في تقرير للهيئة التي يرأسها، وجاءت في تقريرها السنوي، لا تعكس الحقائق على أرض الواقع، باعتبار أنّ العديد من المسلمين ضحايا السلوكات المعادية والعنصرية لا يتقدّمون بشكاوى لعلمهم بعدم وجود متابعة قانونية جادة. وفي سياق آخر، قال عبد اللّه زكري إنه راسل الرئيس بوتفليقة الصائفة الماضية بشأن الأحداث المؤلمة التي عاشتها غرداية، غير أنه رسالته لم تتبع بإجراءات، ليتحدث عن المشهد السياسي الفرنسي، سيما بعد عودة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي للواجهة. طالبتم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في رسالة عاجلة، مؤخّرًا، التدخل العاجل لاستتباب الأمن في غرداية، فهل ردّ على طلبكم؟ وما أبرز اقتراحاتكم لرئيس الجمهورية؟ وجهت إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وكان ذلك بتاريخ 14 جويلية 2014 رسالة مفتوحة، وتضمنت لفت انتباه القاضي الأول في البلاد للأحداث الدراماتيكية المؤلمة التي عرفتها منطقة وادي ميزاب على امتداد عدة أسابيع، والتي خلفت، للأسف الشديد، عددا من القتلى (11 قتيلا)، علاوة على إتلاف وحرق المنازل والمصانع والمحلات التجارية، ومع ذلك لم يتم توقيف المجرمين، ولم تتم حاسبتهم من قِبل العدالة. كيف تنظرون إلى عودة ساركوزي للواجهة السياسية؟ وهل هو تحضير لرئاسيات 2017؟ أمام قياديي الاتحاد من أجل الحركة الشعبية أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية تبدو صعبة، وفي هذه الظروف فإن ظهور ساركوزي على الساحة السياسية يبقى شبيها بوضع الجنرال ديغول وكأنّه “منقذ” فرنسا من حالة الإفلاس التي هي عليها الآن. إستراتيجية ساركوزي تتمثل في عودته أولا إلى حزبه، الاتحاد من أجل الحركة الشعبية، باقتراع مناضلي الحزب، وأمله في الحصول على ما نسبته 85 بالمائة من الناخبين (مناضلي الحزب)، مثلما حدث في السابق، لكنه لم يجمع إلا نسبة 65 بالمائة. إنه أمر طبيعي أن تكون بدايته من المرحلة الأولى من الانتخاب على مستوى الحزب، الذي يريد تأسيسه على أطلال الاتحاد من أجل الحركة الشعبية، وهذا الأخير لصقت به صورة مشينة، بسبب الملاحقات والمتابعات القضائية، وبعدها سيدخل سباق الرئاسيات، غير أنه هذه المرّة سيكون في مواجهة منافسين من الحزب ذاته. وحتى يفوز بهذا الاستحقاق السياسي، فإن نيكولا ساركوزي اختار الخوض في بعض الملفات والقضايا لتكون وقود حملته الانتخابية، على غرار اليمين والجبهة الوطنية. وهذه الملفات، هي: الإسلام، الهجرة، الحجاب، واللاأمن. أصدرتُم مؤخّرًا تقريركم حول ظاهرة الإسلاموفوبيا في فرنسا خلال التسعة أشهر الأولى من هذه السنة، فما الجديد فيه (بمعنى هل زادت أم تقلّصت)؟ لقد تمّ إحصاء 158 تصرّف معاد للإسلام من ضمنها 118 تهديد، وهذا خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجاري، غير أنّ هذه الإحصائيات لا تعكس الحقائق على أرض الواقع، باعتبار أنّ العديد من المسلمين لا يتقدّمون بشكاوى لعلمهم بعدم وجود متابعة قانونية جادة. وتتمثّل هذه التصرّفات المشينة في التعدّي على أماكن العبادة، والشتم والسب والاهانة، إضافة إلى الاعتداء على النّساء المتحجّبات، وعلى سبيل المثال فقد تمّ الاعتداء على امرأة متحجّبة حامل بالضرب بالأيدي والأرجل حتّى فقدت جنينها دون أن يتدخّل أحد لإنقاذها. أضف إلى ذلك ما أسمّيه: “الكره عبر النت”، أي عبر مواقع التّواصل الاجتماعي في الشبكة العنكبوتية، مثل ما نطّلع عليه أحيانًا حول الدعوة إلى قتل المسلمين، إبادتهم، الحرب ضدّ الإسلام وغير ذلك..
خلال شهر تقريبًا ستصدرون تقريرًا لثلاثة أشهر الأخيرة، فهل يمكنك إفادتنا بآخر إحصاء لكم عن الظاهرة؟ إن التقرير حول ظاهرة الإسلاموفوبيا في فرنسا للسنة الجارية 2014 لن يُعرَف إلاّ في جانفي 2015، بعد تحليل الأرقام والإحصائيات ودراسة الحالات لدى المصالح المعنية، وأيضا الانتهاء من إحصاء الشّكاوى المودعة لدى مصالح الدرك والشرطة الفرنسيتين. وهل للمؤسسات الرسمية الفرنسية دور في تفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا؟ لا، ليست الهيئات والمؤسسات الرسمية، لكن تصريحات السياسيين الّذين يقولون إن الدين الإسلامي لا يتوافق مع قيم ومبادئ الجمهورية، ويقولون إن الإسلام يعتبر خطرًا على فرنسا وأوربا ككل. هؤلاء السياسيون يعتمدون هذه النظرة في خطاباتهم وتصريحاتهم وهدفهم كسب النّاخبين العنصريين المتشددين المعادين للإسلام والمتطرفين مع المهاجرين. طالبتم السلطات الفرنسية بإدانة مرتكبي الأعمال العنصرية ضدّ المسلمين، لكن لا مجيب، فما موقفكم من ذلك؟ حين صدر تصريح الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، التالي: “إن المساس بيهودي واحد هو مساس بفرنسا بأكملها”، طلبتُ، عبر بيان تداولته وسائل إعلام فرنسية، منه الإدلاء بالتّصريح نفسه بخصوص المسلم، كأن يقول “إن المساس بمسلم واحد هو المساس بفرنسا بأكملها”، غير أن الرئيس هولاند لم يتفاعل مع طلبي إلى يومنا هذا. هكذا، وبتاريخ 24 سبتمبر 2014 تعرّض شابان جزائريان في ال17 من العمر، إلى اعتداء من 30 يهوديا قائلين: “أيّها العرب القذرون، عودوا إلى بلدكم”، فباستثناء سطور معدودة في إحدى الجرائد، ساد الصّمت في باقي وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، بخصوص جريمة أوصلت شابين مسلمين إلى المستشفى. لقد صمت الإعلام في هذه الحادثة وفي حالات مماثلة. وماذا نقول عن السياسيين، الرئيس، الوزير الأوّل، ووزير الداخلية؟ ماذا لو حدث العكس: 30 مسلما ضدّ يهوديين، الأكيد أن حربا سياسية وإعلامية كانت ستقوم رحاها.. وكيف تتعاملون مع تصريحات مارين لوبان العنصرية؟ بخصوص مارين لوبان، لا شيء يثير الدهشة والاستغراب، فقد أصبح: الإسلام، والهجرة والمهاجرين، والأمن، وأوربا، والمتحجّبات، وبناء المساجد، مواضيع تستعمل كسجّلات تجارية، وهذا هو برنامج حزبها على الصعيد السياسي والاقتصادي. إذا كانت الجبهة الوطنية التي ترأسها مارين لوبان تستقطب الفرنسيين من كلّ الطبقات والفئات الاجتماعية، فهذا يعود إلى كون المسيّرين السياسيين في فرنسا حاليا لا يستجيبون لمتطلّباتهم، أو أنهم عجزوا عن إيجاد حلول لمشاكل وأزمات الفرنسيين المتعددة. لماذا طلب مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا، بحلِّ رابطة الدفاع عن اليهود المتطرفة الّتي سلّط عليها الضوء في الأحداث الأخيرة التي شهدتها فرنسا في المواجهة بين اليهود والمسلمين؟ لقد طلبتُ من الوزير الأوّل السابق جون مارك أيروت والوزير الأول الحالي إيمانويل فالز، إضافة إلى وزير الداخلية برنار كازنوف حلّ رابطة الدفاع عن اليهود، باعتبارها “منظمة إرهابية”، بعد تصنفيها كذلك من قِبل الولاياتالمتحدةالأمريكية وأيضا إسرائيل، لكن دون جدوى، إنّها ميليشيا عنصرية تبثّ الضغينة ضدّ الإسلام والمسلمين. ألَا تخشون اتهامكم بمعاداة السّامية؟ ❊ لا يهمّ، يقول المثل الشائع “القافلة تسير والكلاب تنبح”.. وطالما ندّدتُ بالتصرّفات المعادية للسّامية، بينما المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا لم يتحرَّك ولا يُحرّك ساكنًا حيال معاداة الإسلام واضطهاد المسلمين. إثر محاكمتي مع الوزير السابق، كلود قواسغن، منتخب وعمدة الدائرة 16 بباريس، بسبب مهاجمته شبان مسلمين، قمتُ بتذكيره بالتاريخ، من ذلك أنّ الشرطة الفرنسية هي مَن سلّم اليهود ل«الڤيستابو” وتنظيم “أس.أس”، وليس المسلمين.