شهدت السينما الفلسطينية في الآونة الأخيرة حضورا عربيا وعالميا ملفتا ونافست بقوة على جوائز عالمية مهمة، رغم غياب مشروع سينمائي فلسطيني تدعمه السلطة الفلسطينية واقتصار السينما الفلسطينية على أعمال فردية دون أي رعاية أو تمويل. خليل المزين مخرج فلسطيني من غزة في رصيده العديد من الأفلام الوثائقية منها “شارون مجرم حرب” 2005، و«غزة – سديروت” 2009، وعدد من أفلام الفيديو أرت منها “ما شئتم من الأسماء” 2001، و«غير صالح للعرض” 2007، هذا عدا إخراجه أفلاماً روائية قصيرة منها “ميلاد لوحة” 1997، و«ماشو ماتوك” 2010، وثلاثة أفلام روائية طويلة، آخرها فيلم سارة الذي تم ترشيحه لجائزة أفضل فيلم روائي وجائزة أفضل مخرج في مهرجان دبي السينمائي 2014. كما قام المخرج المزين بإنتاج فيلم واقعيّ يجسّد قصة “سارة”، وهي فتاة فلسطينيّة من إحدى مخيّمات غزّة، تعرّضت للعنف الأسريّ والحبس والقتل على خلفيّة ما يسمى”جرائم الشّرف”. يعجز المؤلف عن وضع نهاية متخيّلة مقنعة للفيلم، ويجتهد المخرج، القابض على جمرة الحقيقة، في إخراج صديقه من حالة إنكارٍ يعيشها بسبب قصّة “سارة”، التي ربّما تكون أكثر واقعيّةً من أن يحتملها الخيال. يحكي الفيلم حكايةً مغايرةً عن غزّة، الّتي تعاني من أشياء أخرى إلى جانب البطولة، والتي يقوم أهلها بأشياء أخرى غير الموت، كما أنهم يتألمون أيضًا لأسبابٍ حياتية عاديةٍ، مثلهم مثل باقي البشر. وعن اهتمامات الأعمال السينمائية وتوجهاتها قال المزين ل«الخبر” أنه يحاول من خلال أفلامه أن يوصل رسالة للعالم مفادها أن الفلسطيني إنسان من حقه أن يحلم ويعيش ويسافر ومن حقه أن يخطط لمستقبله دون تجارة في الصراع العربي الإسرائيلي. وأضاف: “رغم أنني أحاول دائما أن أتفادى الحديث عن الصراع وأناقش قضايا مجتمعة إلا أن الصراع دائما يفرض نفسه على المعادلة كما حدث معي في فيلم “سارة”، فقد تم قصف البناية التي يقع بها مقر شركة الإنتاج وبالتالي تدمير موقع التصوير والأجهزة والمعدات”. وأضاف محدثنا يقول “على قدر محاولتي دائما الابتعاد عن الصراع والاحتلال إلا أنه يأتيك مثل الجن على شكل طائرة تقصف البيت أحيانا، أو على شكل سلك شائك، أو على شكل معبر مغلق، يمنع عنك الغذاء والدواء ويحرمك من أبسط حقوق الإنسان. لذلك فإن تفاصيل العذاب اليومي وقهرنا اليومي أصعب من الاحتلال نفسه، لذا أحاول من خلال الأفلام إخراج الوجه الخفي لغزة وأتحدث عن الحب والفشل والمشاعر، لكن الصراع يفسد علينا كل شيء ويطل كالعادة بوجهه القبيح. فأنا أتمنى أن أجلس أمام البحر ولا أرى أمامي بارجة حربية إسرائيلية”