إنّ رمضان القرآن والطّاعة والعبادة، مَن حُرِم خيره فقد حُرم الخير كلّه، والصّوم عبادة عظيمة يتقرّب بها المؤمن إلى ربّه عزّ وجلّ يرجو ما عنده من ثواب. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “كلّ عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: “إلاّ الصّيام فإنّه لي وأنا أُجزي به، تَرَك شهوتَه وطعامه وشرابه من أجلي، للصّائم فرحةٌ عند فطره، وفرحة عند لقاء ربِّه، ولَخلوف فم الصّائم أطيب عند الله من ريح المِسك” رواه البخاري. وبقَدر ما يتقرّب الصّائم إلى الله تعالى بفعل الطّاعات كتلاوة القرآن والذِّكر والطّاعات والصّلاة والتصدّق على الفقراء والمحتاجين، بقَدر ما يتقرّب إليه بترك المعاصي والمحرّمات كالكذب والزّنا والنّظر إلى الحرام والعادة السريّة والاستمناء وعقوق الوالدين وقطع الرّحم وغير ذلك. فالإسلام دين يدعو إلى حفظ النّسل وضبط الشّهوة الّتي فطر الله العبادَ بها، وذلك من خلال تشريع أحكام خاصة بالأسرة والأحوال الشّخصية عمومًا والزّواج من بين تلك التّشريعات الّتي تحفظ للإنسان كرامتَه وترفعه من المستوى الحيواني، فكلّ إشباع للشّهوة بعيدًا عن إطار الزّواج الشّرعي يُعدّ تعديًّا على حدود الله، قال الله عزّ وجلّ واصفًا المؤمنين المُفلحين يومَ القيامة: {والّذين هُم لفُروجِهم حافظون إلاّ على أزواجِهم أو ما مَلكت أيمانُهم فإنّهم غيرُ مَلومين فمَن ابْتَغى وراء ذلك فأولئِك هم العادون}. والرّسول صلّى الله عليه وسلّم أرشد شباب هذه الأمّة إلى ما يحفظون به فروجَهم عن الحرام فقال: “يا معشر الشّباب مَن استطاع منكم البَاءة فليتزوّج، فإنّه أغضُّ للبصر وأحصن للفرج، فمَن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنّه له وِجاء” أخرجه البخاري ومسلم. فمَن كان قادرًا ماديًّا ومعنويًا على تحمُّل تبعات الزّواج وخشي على نفسه الوقوع في الفاحشة، يجب عليه أن يتزوّج ليحفظ بصره وفرجه، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم الّذي ثبت طبيًّا أنّه يُهدِّئ من شهوة العبد، فكيف للصّائم أن يُخالف هذه الحقيقة ويَدفَع بنفسه لارتكاب وفعل أمور مُخلَّة بالحياء والدّين، ومُضِرَّة بالصحّة. قال الله تعالى: {قُل للمؤمنين يغُضّوا من أبصارِهم ويَحفَظوا فروجَهم ذلك أزكى لهم}، قال ابن القيم رحمه الله: [أمر الله تعالى نبيَّه أن يأمر المؤمنين بغضِّ أبصارهم وحفظ فروجهم، وأن يُعلِمهم أنّه مشاهد لأعمالهم مطَّلع عليها، يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصّدور، ولما كان مبدأ ذلك من قبل البصر جعل الأمر بغَضِّه مقدَّمًا على حفظ الفرج، فإنّ كلّ الحوادث مبدؤها من النّظر]. وقال: [والنّظر أصل عامة الحوادث الّتي تصيب الإنسان، فإنّ النّظرة تولِّد الخطرة، ثمّ تولِّد الفكرة فالشّهوة، ثمّ تولِّد الشّهوة الإرادة، ثمّ تقوى فتصير عزيمة جازمة فيقع الفعل، ولابدّ ما لم يمنع، ولهذا قيل: الصّبر على غضّ البصر أيسر من الصّبر على ألم ما بعده]، ولقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “العينان تزنيان وزناهما النّظر” أخرجه البخاري ومسلم. فيجب على المسلم سائر أيّامه وفي رمضان أن يَحفَظ بصره عن تلك البرامج التلفزيونية الخليعة ليَحفَظ بذلك فرجه عن الوقوع في الفاحشة. والاستمناء في نهار رمضان يوجب القضاء والكفّارة عند كثير من الفقهاء. والله أعلَم.